ثم قال: فأما نفوذ العتق فلأنه أعتقها على شرط باطل، فلغا الشرط وثبت العتق، كما لو قال لعبده: إن ضمنت لي خمرًا فأنت حر، فضمنه، كذا علله الأصحاب. قلت: وفي المسألة المقيس عليها نظر، فإن ذلك يشابه ما لو حلف لا يبيع الخمر، فإنه لا يحنث إذا وجد منه صورة البيع على المذهب، والضمان كذلك. انتهى كلامه.
وما نقله عن الأصحاب من تصوير المسألة المقيس عليها بقوله: إن ضمنت لي، ليس كما نقله عنهم، فقد تصفحت في ذلك كلام جماعة كبيرة، منهم: الفوراني والمتولي، وابن الصباغ، والغزالي، والرافعي، والنووي وغيرهم، فلم أر أحدًا منهم ذكر هذا التعليل، بل عبروا بقولهم: كما إذا أعتقها على خمر أو خنزير، ومنهم من يعبر بقريب منه، والتعبير به واضح.
وقد ذكروا- أيضًا- وقوع الطلاق المعلق على الخمر ونحوه، وعلة وقوعهما معروفة هناك.
قوله: ولا يمكن بناء قولين على وجهين. انتهى كلامه.
ذكر مثله في غير هذا الموضع، وقد خالفه في باب زكاة الفطر في الكلام على ما إذا زوج أمته بعبد أو حر معسر، فقال: والبناء المذكور ممكن، لأن الوجهين مخرجان من أصول الشافعي، وحينئذ فلا يمتنع بناء قولين على أصلين، هذه عبارته.
قوله: الثاني لو وقع الاختلاف في قدر المهر، أو صفته بين ولي الصغيرة، أو المجنونة، وبين الزوج، فوجهان.
أظهرهما، وبه قال ابن سريج وأبو إسحاق: أنهما لا يتحالفان، ولكن توقف إلى البلوغ أو الإفاقة.
والثاني: أنهما يتحالفان، وهو الأصح في المهذب. انتهى كلامه.
وهذا النقل عن ابن سريج، وأبي إسحاق سهو، فإن الذي ذهبا إليه هو الثاني، وهو القول بالتحالف، كما هو مشهور معروف في كتب الأصحاب، حتى إن الرافعي صرح بنقله عنهما أيضًا.