الهدي والأضحية وكفارات الحج، والفرق أن المقصود منها اللحم، فكان الأشقاص فيها كالأشخاص، وفي الزكاة بخلافه.
وأما إخراج نصفي رقبتين في الكفارة فإن كان باقيهما حرًّا جاز، وإن كان الباقي رقيقًا فإنه يجوز أيضًا في أصح الوجهين. هذا لفظه، ثم قد حكى المصنف الخلاف في إجزاء التضحية بذلك في كتاب الزكاة قبيل باب صدقة المواشي، وقد ذكرت لفظه هناك فراجعه.
الأمر الثاني: أن ما ذكره من أن نصفي رقبة ليس برقبة غلط في التعبير، بل هو رقبة بلا شك، والصواب أن يقول: نصف رقبتين.
قوله: وفي تعليق القاضي الحسين: أن الشافعي- رضي الله عنه- نص على إجزاء أنصاف الرقاب عن الكفارة، فقال: ولو أعتق رقبتين عن كفارتي ظهار أو ظهار وقتل أجزأه، ويقع نصف عن هذا ونصف عن ذاك، لأن الجملة إذا قوبلت بالجملة يتوزع آحادها على آحادها.
ثم قال: وقد حصل لك بما ذكرناه أن هذه المسألة التي وجد فيها النصف، لم يختلف أحد من أصحابنا في حصول الإجزاء فيها، وقد صرح بذلك ابن الصباغ.
وفي الرافعي: أن الإمام ذكر أن منهم من أثبت خلافًا فيها.
والذي رأيته في النهاية في هذا الموضع إجراء الخلاف فيما إذا أعتق نصف عبدين خالصين له عن كفارة واحدة، وجعله بمنزلة ما إذا أعتق نصفين من عبدين باقيهما حر دون ما عداه. انتهى كلامه.
اعلم أن الرافعي قد صور مسألة النص بما إذا أعتق العبدين عن الكفارتين، وصرح المعتق بالتشقيص، فقال: عن كل كفارة نصفًا من هذا ونصفًا من هذا، وحكى فيها خلافًا عن النهاية والبسيط، وقد رأيت التصوير وحكاية الخلاف المذكورين في النهاية والبسيط مطابقًا لما نقله عنهما الرافعي، ولم يصرح المصنف بهذا التصوير، بل صور مسألة النص بما إذا أعتق العبدين عن الكفارتين، ولم يرد على ذلك، والرافعي لم يذكر هذه المسألة، وإنما ذكرها الإمام وجزم فيها بالصحة.
ثم قال: واختلف أصحابنا في كيفية الوقوع، فمنهم من قال: يقع عن كل كفارة عتق عبد، ومنهم من قال: يقع عن كل واحد نصفا العبدين. ثم ضعف الثاني.
إذا علمت ذلك، فإن كان التصوير الذي ذكره المصنف للنص مثل التصوير الذي ذكره الرافعي له، فالخلاف الذي حكاه- أعني: الرافعي- عن الإمام صحيح، وإنكار