ثم قال بعده: فإن جرى الاستثناء على لسانه على العادة، ولم يقصد به رفع اليمين لم يصح الاستثناء، لأن ذلك لغو الاستثناء، ولما لم ينعقد لغو اليمين لم ينعقد لغو الاستثناء.
فإن قيل: حكى صاحب البيان فيما إذا نوى صوم غد من شهر رمضان وقال: إن شاء الله- خلافًا في انعقاد نيته عند عدم قصد التعليق، فهلا جرى مثله هاهنا؟
فالجواب: أنا أخذنا بالأحوط في الموضعين. انتهى كلامه.
والسؤال الذي ذكره عجيب، فإن مسألة الشيخ في اللغو وهو الذي لم يقصد بل سبق إليه، والإجماع على أنه لا أثر له، ومسألة صاحب البيان فيما إذا قصد اللفظ، ولكن لم يقصد به التعليق ولا التبرك، وهو أن الأمور كلها لا تقع إلا بمشيئة الله- تعالى- والخلاف حكاه الماوردي على أن كلام البيان غير محرر، فإن تعبيره يقتضي جريان الخلاف في ما إذا قصد التعليق أو قصد التبرك، ولا يمكن القول به، بل إطلاق من أطلق محمول عليها، صرح به غيره، وهو أنه إن أراد التبرك لم يصح أو حقيقة التعليق صح.
قوله في المسألة: واعلم أن قول الشيخ، ولم يقصد به رفع اليمين، يفهم أنه إذا قصد به رفع اليمين أنها لا تنعقد.
وفي الشامل: والصورة هذه أنها تنعقد، وفي ذلك نظر. انتهى كلامه.
واعلم أن المصنف قد حكى قبل هذا الكلام بأسطر خلافًا في انعقاد اليمين مع الاستثناء بالمشيئة، فمنهم من قال: نعم، لكن المشيئة غير معلومة فلم يحكم بالحنث، وقيل: لا تنعقد أي: لأنه لا يتصور فيها الحنث بخلاف التعليق بمشيئة زيد ونحوه، ومقالة ابن الصباغ التي أعادها واستغربها هي أحد الوجهين.