وحكى القاضي أبو الطيب قبل الكلام في دية اليهودي والنصراني أنا إذا عرفنا نسبة المجروح من الموضحة نوجب أكثر الأمرين مما اقتضاه التوزيع، أو حكومة لا تبلغ بها أرش الموضحة.
والفرق بين هذا وبين ما حكيناه عن أبي إسحاق وغيره أنا على هذا نوجب الحكومة إذا زاد قدرها على قدر ما اقتضاه التوزيع مع تحقق قدر النسبة، وعلى رأي أبي إسحاق إذا تحققنا نسبة الجرح من الموضحة من غير شك في زيادة عليه، لا نوجب إلا قدر النسبة. انتهى كلامه.
وهذا النقل عن الرافعي و ((المهذب)) و ((الشامل)) نقل غير مطابق، فأما الرافعي فإن حاصل ما ذكره إنما هو ما ذهب إليه القاضي أبو الطيب، فإنه قال ما نصه: وقال الأكثرون: إن لم يمكن معرفة قدرها من الموضحة، فكذلك ولا تبلغ حكومتها أرش موضحة، وإن أمكن أن يعرف قدرها بأن كان على رأسه موضحة إذا قيس بها الباضعة أو المتلاحقة عرف أن المقطوع نصف أو ثلث في عمق اللحم، فيجب قسطه من أرش الموضحة، فإن شككنا في قدرها من الموضحة- أوجبنا اليقين، قال الأصحاب: ويعتبر مع ذلك الحكومة، ويجب أكثر الأمرين من الحكومة وما يقتضيه التقسيط، لأنه وجد سبب واحد منهما، فيعتبر الأكبر كما سيأتي في قطع بعض اللسان وذهاب بعض الكلام هذا لفظه فتأمله.
فإنه لا نجده يعطي إلا ما قلناه لاسيما التعليل الذي ذكره، وكذلك أيضًا المقاس عليه.
وأما المهذب فلم يذكر فيه إلا وجوب القسط من أرش الموضحة عند إمكان معرفته، وأما مسائل الشك فلم يتعرض لشيء منها بالكلية، وأما الشامل فإنه ذكر جميع ما عزاه المصنف إليه، لكن الذي عزاه إلى الأصحاب إنما هو وجوب القسط خاصة، وأما مسائل الشك فعزى جميعها على أبي إسحاق فقط.
قوله: فرع: يجري القصاص في حلمة الرجل بحلمة الرجل، سواء أوجبنا في حلمة الرجل الدية، فإن لم نوجبها قطعت حلمة الرجل بالمرأة إن رضيت دو العكس، وتقطع حلمة المرأة بالمرأة.
وفي التتمة وجه: إن لم يتدل الثدي لا يجب القاص، لاتصالهما بحلم الصدر وتعذر التمييز.