قوله: ولا يتبع في الحرب مدبرهم ولا يذفف على جريحهم.
قال الجيلي: فلو قتل المدبر، أو ذفف على الجريح، لم يجب القصاص على فاعل ذلك. انتهى كلامه.
واقتصاره على نقل ذلك عن هذا الكتاب المتأخر الذي لا يوثق بما فيه يقتضي عدم الوقوف عليه في كلام غيره، وهو عجيب، فقد نص الشافعي- رحمه الله- في البويطي على المسألة، وأجاب بأنه لا قصاص، وممن نقله عنه صاحب البحر، ولم يصرح الرافعي بالمسألة، وإنما حكى وجهين في قتل الأسير، وصحح منهما في الروضة من ((زوائده)) عدم القصاص، لشبهة خلاف أبي حنيفة، وهو أيضًا قريب من مسألتنا، فإن أبا حنيفة خالف في الجميع.
قوله: ولو استعان أهل البغي بأهل العهد إلى مدة، قال القاضي أبو الطيب: كان ذلك نقضًا لعهدهم إلا في مسألة واحدة، وهي إذا كانوا مكرهين، وأقاموا بذلك بينة دون ما إذا ادعوا ذلك، أو ادعوا الجهل بالحال، والفرق بينهم وبين أهل الذمة حيث قبلنا دعواهم للإكراه والجهل بلا بينة- أن الذمة أقوى، وبهذا نقول: يجوز أن ينبذ إليهم عهدهم لخوف الخيانة، ولا كذلك في أهل الذمة، وعلى ما قاله جرى الأئمة، ولم أر له مخالفًا فيما وقفت عليه. انتهى كلامه.
وما ذكره من عدم الوقوف على ما يخالفه عجيب، فقد خالفه صاحب التتمة فقال في آخر الباب الثاني عشر: إذا استعانوا على قتال أهل العدل بالمستأمنين فأعونهم، فإن ادعوا إكراهًا وجهلًا، فالحكم على ما ذكرنا في أهل الذمة. هذا لفظه.
تنبيه: وقع في الباب ألفاظ منها:
ربقة: اسم للحبل الذي يجعل في عنق وقت الحلب- هو بكسر الراء المهملة وإسكان الباء الموحدة وبالقاف.
ومنها في حديث الحديبية أنه كتب كتاب القضية هو- بالقاف والضاد المعجمة بعدها ياء مشددة بنقطتين من تحت- ومعناه: القضاء: أي الحكم.
ومنها غزوة العشيرة- هو: بضم العين المهملة وفتح الشين المعجمة- على أنها تصغير عشرة.
ومن ذلك ((صير الباب)) أي: شقه الذي ينظر منه لما في البيت- هو: بكسر الصاد المهملة وبعدها ياء ساكنة بنقطتين من تحت ثم راء مهملة.