((المرشد)) فإنه قال: وأقل الحيض يوم، لأنه وجد، وأكثره خمسة عشر، وغالبه ست أو سبع. هذه عبارته، وليس فيها ما يقتضي اختيار الطريقة القاطعة، لأنه مصنفه لا يذكر فيه إلا ما عليه الفتوى، ولا يتعرض لما في المسألة من الخلاف، فيجوز أن يكون قد اختار طريقة القولين، ولكن صحح أن أقله يوم، فدعوى المصنف ما ادعاه ذهول عجيب وغفلة، على أنه يجوز أن يكون قد أراد: مع الليلة، كما حملوا عليه عبارة الشافعي، ويدل عليه أنه لم يصرح بالليالي في القسمين الآخرين، وهما الأكثر في الغالب.
قوله: فإن قيل: لو دل الاستقراء على أن أقل الطهر دونه خمسة عشر يومًا، هل يجري فيه الخلاف السابق، أي في أقل الحيض ونحوه؟
قلت: الظاهر من كلام الأصحاب إجراؤه، إذ لا فرق، لكن نص الشافعي على إتباع الوجود، فإن الماوردي قال في كتاب العدد ... إلى آخر ما قال. انتهى.
وكلامه- رحمه الله- يقتضي عدم الوقوف على الخلاف، ولهذا حاول إثباته من جهة القياس، وهو غريب جدًا فإن الخلاف مشهور في كتب الأصحاب حتى في ((الرافعي))، فإنه قال: لو رأينا من تحيض أقل من يوم وليلة أو أكثر من خمسة عشر، وتطهر أقل من خمسة عشر- فثلاثة أوجه.
أظهرها: أنه لا عبرة به. هذا كلامه، والمصنف قد نقل هنالك ما يدل عليه، فإنه قال عقب ذكر الشيخ لأقل الحيض وأكثره ما نصه: فإن قيل: إذا كان مستندكم في التقدير لأقله وأكثره هو الاستقراء، فينبغي إذا وجد في عصر من الأعصار بسبب تغير الطباع أقل من ذلك أو أكثر، أن تتبعوه- قيل: قد قال به جماعة من المحققين منهم الأستاذ أبو إسحاق، وأبو إسحاق المروزي- كما قال في ((التتمة)) - والقاضي الحسين في جواب له، وعليه يدل ما سنذكره من نص الشافعي من بعد.
ثم قال: ومنهم من منع النقصان عما ذكرنا والزيادة عليه، ومنهم من قال: إن قال بعض العلماء به اعتمد، وإلا فلا. انتهى. وحكاية الخلاف في أكثر الحيض يؤخذ منها الخلاف في أقل الطهر.
واعلم أن الرافعي عبر بقوله: أحدها: نعم، وذهب إليه الأستاذ أبو إسحاق الإسفراييني في جواب له، والقاضي الحسين فيما حكى. والمصنف جعل القائل بذلك في جواب له هو القاضي الحسين، فكأنه لما نقل هنا حالة التصنيف من ((الرافعي)) قدم وأخر.