قوله: وما ذكره الشيخ في الأحوال الثلاثة هو المذهب، ووراءه وجهان:
أحدهما: أن الدم إذا جاوز الستين كانت الستون نفاسًا، وما زاد استحاضة.
والثاني: أن النفاس ستون، وما زاد عليها حيض بشرطه.
ثم قال: ومحل هذا الوجه- كما قال الماودري- فيمن لم تكن مبتدأة بالحيض والنفاس، أما المبتدأة بهما فلا خلاف في أن ما جاوز الستين استحاضة. نعم، هل يكون نفاسها الستين أو ما سلف؟ فيه الخلاف، وكلام الرافعي كالصريح في أن الخلاف في المعتادة والمبتدأة [كذا]، لأنه لما ذكر أن ظاهر المذهب ما ذكره الشيخ قال: وفيه وجهان آخران، أحدهما: أن الستين نفاس، وما زاد استحاضة، بخلاف ما في نظيره من الحيض، لأن الحيض محكوم به ظاهرًا لا قطعًا، فجاز أن ينتقل عنه إلى ظاهر آخر، والنفاس مقطوع به أو الولادة معلومة، والنفاس هو الدم الخارج بعد الولادة، فلا ينتقل عنه إلى غيره إلا بقين، وهو مجاوزة الأكثر. فعلى هذا: نجعل الزائد استحاضة إلى تمام طهرها المعتاد، والمردود إليه في المبتدأة، أي: من أكثر الطهر، أو غالبه، أو أقله، على ما مر، ثم ما بعده حيض. انتهى كلامه.
وما ادعاه- رحمه الله- من دلالة كلام الرافعي على الخلاف غلط فاحش، سببه: التباس وجه بوجه، فإن الذي حكى هو عن الماوردي نفي الخلاف فيه عن المبتدأة، ورأيته أيضًا في كلامه- إنما هو الوجه القائل بأن الزائد حيض، والوجه الذي دل كلام الرافعي على التسوية فيه بين المبتدأة وغيرها إنما هو القائل بأن الزائد استحاضة، فتأمله.
قوله: وعليه يدل قوله- عليه الصلاة والسلام-: ((فلتغتسل، ثم لتستثفر، ثم لتصل)) كما رواه أبو داود. وتستثفر: بتاء معجمة باثنتين من فوق مفتوحة، وسين مهملة ساكنة، وتاء مفتوحة بثلاث ساكنة، وفاء مكسورة، وراء مهمة، ومعناه: أن تجعل المرأة على قبلها خرقة أو غيرها، والقطن أمس، لأنه جاء في حدث حبيبة بنت جحش أنه- عليه الصلاة والسلام- قال لها:((أنعت لك الكرسف، فإنه يذهب الدم)). انتهى كلامه بحروفه.
وفيه أمران:
أحدهما: أن تعبيره في ضبط ((تستثفر)) بقوله: وتاء مفتوحة بثلاث ساكنة، وهم سقط منه شيء، وصوابه أن يقول: وتاء مفتوحة مثناة، ثم ثاء مثلثة.