وما ذكره من رد القول وحمله على المحمل المذكور ذهول عن زيادة في آخر كلام الشافعي، فإنه قال: ولا يبين لي في بول الصبي والجارية فرق من السنة الثابتة، ولو غسل بول الجارية كان أحب إلي، احتياطًا، وإن رش عليه ما لم تأكل الطعام أجزأ، إن شاء الله تعالى. هذا لفظه، نقله عنه البيهقي في ((سننه)) وابن الصلاح في ((مشكله)).
قوله: والدهن هل يمكن تطهيره أم لا؟ فيه خلاف.
ثم قال: والزئبق متفق على عدم إمكان غسله، قال القاضي حسين: لأنه لا يتقطع عند ملاقاة الماء على الوجه الذي يتقطع عند إصابة النجاسة. انتهى كلامه.
وما ذكره من الاتفاق غريب، فقد ذكر جماعة من الطريقين- أعني العراقيين والخراسانيين- ما يخالف ذلك:
فقال الشيخ أبو علي السنجي في ((شرح التلخيص)) والمحاملي في ((اللباب)) والبغوي في ((التهذيب)) وغيرهم: إنه إن لم يتقطع بعد إصابة النجس طهر بصب الماء عليه، وإن تقطع فكالدهن.
ورأيت- أيضًا- هذا التفصيل في ((التخليص)) لابن القاص وفي ((شرحه)) للقفال، وكذلك- أيضًا- ((شرحه)) للقاضي حسين، وفي ((عقود المختصر من نقاوة المعتصر)) للغزالي، إلا أنهم جزموا فقالوا: إن لم يتقطع طهر، وإن تقطع فلا.
قوله: وفي ((الحاوي)) و ((التتمة)) وجه نسبه الإمام إلى صاحب ((التلخيص)): أنه لا يعفي عن اللون الذي تعسر إزالته مطلقًا. انتهى.
واعلم أن المتولي إنما حكى الوجه في أنه لا يطهر، ثم صرح في آخر كلامه بأنه نجس معفو عنه، وأما ((النهاية)) فالذي نقله أيضًا إنما هو عدم الطهارة، ولا يلزم منه عدم العفو.