الثالث: أن هذا الاتفاق الذي ذكره في آخر كلامه محله الصلاة لوقتها، وأما الرواية التي هي موضع الحاجة، وذكر الاتفاق عقبها- فليست في ((الصحيحين)) ولا في أحدهما، بل ذكر النووي في ((الخلاصة)) أنها ضعيفة، إلا أن الأمر على خلاف ما ذكر النووي، سببه: ذهول من طريق إلى طريق، فإن الرواية المذكورة صحيحة رواها ابن خزيمة وابن حبان في ((صحيحيهما))، وقال الحاكم، والبيهقي في ((الخلافيات)): إنها على شرط الشيخين.
وأما الحديث الأول الذي نقل عن الترمذي تحسينه فضعيف.
قوله: وقد أفهم قول الشيخ: إلا الظهر في الحر لمن يمضي إلى جماعة، فإنه يبرد بها- أمورًا.
ثم قال: الثاني: أنه لا فرق في ذلك بين البلاد الحارة والمتوسطة والباردة، وهو وجه حكاه الماوردي، والإمام حكاه عن شيخه في البلاد المعتدلة. انتهى كلامه.
وما حكاه عن الماوردي من استحباب الإبراد في البلاد الباردة على وجه، ليس كذلك، فإن الذي حكاه عن بعضهم إنمنا هو اطراده في كل بلد شديد الحر، فقال: والثاني: أن ذلك وارد في كل البلاد إذا كان الحر فيها شديدًا. هذه عبارته، فذهل عن آخر الكلام.
قوله: وذكر الغزالي والقاضي وغيرهما أن الذي يبرد يؤخر إلى أن يصير للحيطان ظل يمشي فيه.
ثم قال: والشيخ أبو علي في ((شرح التلخيص)) حده بأن يحصل ذلك ولا تخرج الصلاة بسبب ذلك عن نصف الوقت.
قلت: وهذا يظهر أن يكون تفريعًا منه على أن وقت الفضيلة لا يمتد إلى نصف الوقت، إذ لو كان كذلك لم يكن الإبراد مستثنى. انتهى كلامه.
وهذا البحث الذي ذكره بحث فاسد، فإن التأخير إلى هذا الوقت في الإبراد مطلوب، وإذا قلنا بأن وقت الفضيلة يمتد إلى هذا الوقت لا نقول باستحباب التأخير إليه، بل التقديم مستحب بلا خلاف، فيصح ممن قال بأن الإبراد إلى نصف الوقت أن يقول بأن وقت الفضيلة يمتد إلى نصفه أيضًا.
ووجه استثناء الإبراد: أن التأخير إلى هذا الوقت فيه- أي في الإبراد- مطلوب، بخلاف غيره، وهذا واضح جلي.
قوله: وإن بلغ صبي، أو أسلم كافر، أو طهرت حائض أو نفساء، أو أفاق مجنون أو مغمى عليه، قبل طلوع الشمس بركعة- لزمهم الصبح، وإن كان بدون ركعة ففيه قولان.