نص عليه الشافعي، وكذا الأصحاب غير الإمام: أنه طهارة، وجاء به الحديث الصحيح كما سبق إيضاحه في أوائل الكتاب. ولاشك أنه التبس عليه، فتوهم من كونه لا يرفع الحدث أنه ليس بطهارة، ثم إنه لا يلزم من كون الشيء مستحبًا أن يكون تركه مكروهًا.
قوله: وأن يؤذن على موضع عال، لأنه قد روي أن الذي رآه عبد الله بن زيد حين أذن طلع على جذم حائط أو على نشزٍ من الأرض. انتهى.
الجذم- بكسر الجيم وسكون الذال المعجمة-: هو الأصل، والنشز- بفتح الشين-: هو المرتفع، قال تعالى:{فَانشُزُوا}[المجادلة:١١] أي: ارتفعوا.
وهذا الحديث رواه البيهقي بإسناد صحيح، إلا أنه لم يذكر ((النشر)). قوله: ويستحب أن الذي يقيم هو الذي أذن، فإن أذن جماعة فالأول هو المستحق إن كان راتبًا، فإن لم يكن لم يستحق التقديم في أصح الوجهين في ((الوسيط)).
ثم قال: وحيث قلنا: يستحق شخص التقدم في الإقامة، فأقام غيره، أو أقام من لم يؤذن- ففي الاعتداد بإقامته وجهان حكاهما المسعودي: المشهور منهما- وهو الذي أورده-: الاعتداد، ومقابله: أنه لا يعتد به، تخريجًا من قولنا: إنه لا يجوز أن يخطب واحد يوم الجمعة ويصلي غيره. انتهى كلامه.
فيه أمران:
أحدهما: أن الأول- أيضًا- أولى إذا كانا معًا غير راتبين كما قاله الرافعي وغيره، وكلام المصنف أولًا وآخرًا يدفعه.
الأمر الثاني: أن هذا الخلاف الذي حكاه تخريجًا مما إذا خطب واحد وأم آخر إنما يستقيم في المسألة الثانية، وهو ما إذا أقام غير من لم يؤذن، فأما في المسألة الأولى، وهو ما إذا أذنا وقلنا باستحقاق واحد، فأقام غيره- فلا. وقد صرح بالخلاف كما ذكرته صاحب ((البيان)) وصاحب ((التتمة)) وغيرهما.
وتعبيره بقوله: الاعتداد، بعد التعبير بقوله: أورده- وقع هكذا في النسخ، أي: بإسقاط الفاعل وهو المورد.
تنبيه: وقع هنا ذكر الصدائي، وهو منسوب إلى ((صداء))، بضم الصاد وتخفيف الدال المهملتين وبالمد، يصرف ولا يصرف، وهو حي من اليمن.
قوله: ثم ظاهر كلام الشيخ: أنه يلتفت في الحيعلة في الأذان والإقامة، وهو المشهور، وعليه العمل، وحكى الإمام أن بعض المصنفين ذكر مرة أن الالتفات غير