للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقيل: لا يستبيح شيئاً؛ لأنه لما أَخرج بعضَ المستباح فكأنه قَصَدَ رَفْضَ الوضوءِ. والثالثُ: يَسبيح ما نواه دُون ما لم يَنْوِهِ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ ما نَوَى" وتَبعَ المصنفُ في حكاية الثلاثةِ ابنَ شاسٍ. ولم يذكر المازري والباجي غيرَ قولين: الْمَشْهُورِ، والثاني أنه يَستبيحُ ما نواه فقط. وذكر أن ابنَ القصار خرَّجه على القول برفضِ الطهارةِ، قال: لأنه نوى رفضَ طهارتِه بعد ما نواها، فليس له أن يُصلي شيئاً بَعْدَه. لكنْ قال ابن زَرْقُون: اختلف أصحابُنا البغداديون فيمن توضأ ينوي صلاةً واحدًة، فقال بعضُهم: له أن يصلي به جميعَ الصلوات. وقال بعضُهم: لا يصلي إلا تلك الصلاةَ وحدَها. وقال بعضُهم: لا يُصَلِّي به شيئاً. والله أعلم.

وَلَوْ نَوَى مَا يُسْتَحَبُّ لَهُ الْوُضُوءُ كَالتِّلاوَةِ لَمْ يُجْزِه عَلَى الْمَشْهُورِ

قاعدةُ هذا أن مَن نَوَى ما لا يَصِحُّ إلا بطهارة كالصلاةِ ومَسَّ المصحفِ والطوافِ فيجوزُ له أنْ يَفعل بذلك الطُّهْرِ غيرَه، ومَن نوى شيئاً لا تُشترط فيه الطهارةُ كالنومِ وقراءةِ القرآن طاهراً وتعليمِ العلم– فلا يَجُوزُ له أن يَفعل بذلك الوضوءِ غيرَه على الْمَشْهُورِ. وقيل: يستبيح؛ لأنه نَوَى أن يكون على أكملِ الحالات بِنِيَّةٍ مستلزِمَةٍ لرفعِ الحدثِ عنه.

فرعان:

الأول: لو قصد الطهارةَ المطلقةَ، فإن ذلك لا يرفع الحدثَ؛ لأن الطهارةَ قسمان: طهارةُ نَجَسٍ، وطهارةُ حَدَثٍ. فإذا قصد قصداً مطلقاً، وأَمْكَنَ انصرافُه للنَّجَسِ لم يَرتفعْ حَدَثُه. قاله المازري.

والثاني: لا يَلزم في الوضوء أو الغسل أن يُعَيِّنَ بنيته الفعلَ المستباحَ، ويلزم ذلك في التيممِ. وحكى ابنُ حبيب أن ذلك في التيمم يُشترط على سبيل الوجوب، والْمَشْهُورِ أن ذلك على سبيلِ الاستحبابِ، لا على سبيلِ الإيجاب، فانْظُرِ الفَرْقَ. قال ابنُ بزيزة.

<<  <  ج: ص:  >  >>