قلناه، وحمل ابن عبد السلام المسألة على أجير البلاغ. وما ذكرناه أولى؛ لموافقة المدونة، ولكونه أعم فائدة، وجعل أيضاً الضمير في قوله:(له) عائد على الأجير ثانياً. أي: للأجير أيضاً النفقة ذاهباً وجائياً إلى حيث انتهى الأول، وفيه بُعْد.
هذا خاص بالإجارة المضمونة؛ أي: إذا صُدَّ في الإجارة على الضمان أو أُحصِر بمرض حتى فاته الحج، فأراد هو أو من استأجره أن يبقى على حكم الإجارة إلى العام الثاني محرماً أو متحللاً، فهل لهما ذلك أو لابد من الفسخ؟ قولان للمتأخرين: فمن رأى أنه لما تعذر الحج في هذا العام انفسخت فصار له دين في ذمته يأخذ عنه منافع متأخرة مَنَع؛ لأنه فسخ دين في دين. ومن رأى هذا النوع أخف من الإجارة الحقيقية ولم يقدر الانفساخ، لأنه إنما قبض الأجرة عن الحج وقد صار الأمر إليه –أجاز.
واختار ابن أبي زيد الجواز، وأما في البلاغ فذلك جائز فيه؛ لأن ما أخذه الأجير ليس ديناً في ذمته، قال في البيان: وأما لو ترتب في ذمته مال لم يجز أن يصرف في الإجارة عند مالك وجميع أصحابه.
لأن ما استؤجر عليه لم يأت به والعقد لم يتناول العام الثاني. ومفهوم قوله:(إِنْ عَيَّنَ الْعَامَ) أنهما لو دخلا على عام غير معين لم تنفسخ الإجارة، وبذلك صرح ابن بشير وابن عبد السلام، وأشار ابن بشير إلى أنهما لو دخلا على السكوت أن الإجارة تنفسخ كما لو عين العام. وعلله ابن راشد بأن العام الأول يتعين. ونص صاحب البيان على خلافه وسيأتي لفظه.
فرع: فلو أحرم عن الميت ثم صرفه إلى نفسه، قال في الذخيرة: لم يجز عنهما ولم يستحق الأجرة. وقال الشافعي: يقع عن الميت. وفي النوادر: إن نوى الأجير الصرورة