يقول: سنة مؤكدة. قال: ولم أر لأحد من أصحابنا هل يأثم بتركها أم لا؟ وأراد بالوجوب وجوب الدم، والأمر محتمل.
وقوله:(كَالإِحْرَامِ بَعْدَ تَجَاوَزِ الْمِيقَاتِ) لا يريد أنه يجب عليه ترك الإحرام من الميقات ليحرم بعده، وإنما يريد أن الإحرام من الميقات واجب ليس بركن، فإذا ترك الإحرام من الميقات وجب عليه دم، وقد يجاب عنه بأن قوله:(كَالإِحْرَامِ) متعلق بقوله: (فِيهَا دَمْ) أي: من أمثلة ما فيه الدم الإحرام بعد تجاوز الميقات.
وقوله:(وَالتَّلْبيَةِ جُمْلَةً عَلَى الأَظْهَرِ) أي: وكترك التلبية. وعلى الأظهر لو أتي بالتلبية وقتاً دون وقت فلا شيء عليه، لكن مقتضى كلام المصنف أنه لا فرق في ذلك بين أن يأتي بها أول الإحرام أو لا، وليس كذلك.
قال في المدونة: وإن توجه ناسياً من فناء المسجد للتلبية كان بنيته محرماً، وإن ذكر من قرب ليَّ ولا شيء عليه، وإن تطاول ذلك به أو نسيه حتى فرغ من حجه فليهرق دماً. انتهى. فجعل تركها أول الإحرام مع التطاول بمنزلة تركها جملة في وجوب الدم، ومقابل الأظهر ذكره اللخمي فقال: واختلف إذا ابتدأ بالتلبية ثم قطع هل يكون عليه دم أم لا؟ فظاهر كلامه أن مقابل الأظهر سقوط الدم ولو ترك التلبية جملة ولم أره.
وقوله:(وَطَوَافَ الْقُدُومِ) معطوف أيضاً؛ أي: وكترك طواف القدوم أو ترك السعي بعده لغير المراهق، وأما المراهق فلا خلاف في عدم وجوبها عليه وسقوط الدم عنه.
وقوله:(خِلافاً لأَشْهَبَ) راجع إلى غير المراهق. وقوله:(وَهُمَا مَعاً كَأحَدِهمَا)؛ أي: وتركهما معاً كترك أحدهما. وقوله:(وَفِي سُقُوطِهِ)؛ أي: الهدي. قال في الجلاب: وإن ترك الطواف والسعي ناسياً والوقت واسع، فلا دم عليه عند ابن القاسم، والقياس عندي أنه يلزمه الدم بخلاف المراهق وكذلك قال الشيخ أبو بكر الأبهري. انتهى. قيل إن ابن الجلاب قاس ذلك على سائر مايترك من أفعال الحج الواجبة، فإنه قال: لا فرق في ذلك بين أن يتركها عمداً أو سهواً، ورأى ابن القاسم أن النسيان عذر فكان كالمراهق.