وعلى هذا فقول المصنف:(جَازَ) يقتضي بحسب الظاهر أن ترك الخروج أولى، لا سيما وقد قرر ابتداءً أن المقيم يحرم من مكة، وهو خلاف قول مالك: أنه يستحب له الخروج على ما قرره صاحب النكت إذا كان في الوقت سعة.
ابن هارون: وقوله: (جَازَ عَلَى الأَشْهَرِ) يقتضي أن فيهما قولاً آخر بالكراهة أو المنع، ولا نعلم في ذلك خلافاً إلا في الأولوية. انتهى.
يعني: أن مالك استحب للمكي والوافد المقيم بها أن يحرما في أول هلال ذي الحجة؛ لما في الموطأ عن عمر رضي الله عنه: (يا أهل مكة ما شأن الناس شُعثاً وأنتم مُذَّهِنون؟! أهلوا إذا رأيتم الهلال". وفيه أيضاً: أن ابن الزبير أقام بمكة تسع سنين يُهِلُّ بالحج لهلال ذي الحجة، وعروة بن الزبير معه يفعل ذلك. وهذا هو المعروف.
وروي عن مالك استحباب الإحرام يوم التروية ليتصل إحرامهم بمسيرهم.
وَلا يَقْرِنُ إلا مِنَ الْحِلِّ عَلَى الْمَشْهُورِ
مقابل المشهور لسحنون، وعبد الملك والقاضي إسماعيل، ووجه المشهور أنه لو أحرم بالقران من مكة لزم ألا يجتمع فيها حل وحرم؛ لأن خروجه لعرفة خاص بالحج، ورأى سحنون أن العمرة في القران مضمحلة، فوجب اعتبار الحج فقط.
قوله:(وَللآفَاقِيًُّ) معطوف على قوله: (للمقيم). وخَرَّج الصحيحان وغيرهما عن ابن عباس رضي الله عنه "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم [١٧٧/ب] وَقَّتَ لأهل