للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنما لم يَحْكِ القولين مُجملين لاختلاف الشيوخ في الفَهْمِ، لكنَّ ذِكْرَه لسببِ الخلافِ مرجِّحٌ لمخالفةِ أحَدِ الكتابين للآخَرِ.

ومعنى التنافي أن نيةَ الفرض الذي هو غسلُ الجنابة منافيةٌ لنيةِ غسل الجمعةِ، إذِ الفرضُ لا يجوز تركُه، والنفلُ يجوز تَرْكُه، والجمعُ بينهما في نيةٍ واحدةٍ جمعٌ بين المتنافيين. أو يقالُ: إن النفلَ جزءٌ من الفرض؛ لأن النفلَ مما يُمدح على فِعله، والفرضُ يُشاركه في هذا، ويَزيد المنعَ مِن الترك فلا تنافي.

وَلَوْ نَوَى الْجَنَابَةَ نَاسِياً لِلْجُمُعَةِ أَوْ بِالْعَكْسِ فَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ: لا يُجْزِئُ عَنِ الْمَنْوِيِّ فِي الثَّانِيَة، وَلا عَنِ الْمَنْسِيِّ فِيهمَا، وَقِيلَ: يُجْزِئُ، وَقِيلَ: يُجْزِئُ فِي الأُولَى لا في الثَّانِيَةِ. وَقَالَ ابْنُ حَبيبٍ: بِالعَكْسِ ...

يتضح كلامُه هنا بمعرفة الأُولى والثانية، ومَنْوِيِّ الأولى ومنويِّ الثانية. فالأُولى: إذا نوى الجنابة ناسياً للجمعة. والثانية: إذا نوى الجمعة ناسياً للجنابة. ومنويُّ الأولى الجنابةُ ومنسُّيها الجمعةُ. ومنويُّ الثانية الجمعةُ، ومنسُّيها الجنابةُ.

فقوله: (فَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ: لا يُجْزِئُ عَنِ الْمَنْوِيِّ فِي الثَّانِيَة) أي: الجمعة (وَلا عَنِ الْمَنْسِيِّ فِيهمَا) أي: الجمعةُ في الأولى والجنابةُ في الثانية.

وحاصلُه أنه إذا نَوَى الجنابةَ ناسياً للجمعة– أنه تُجزئُه عن الجنابة ولا تجزئه عن الجمعة، وإذا نوى الجمعة ناسياً للجنابة لَمْ يُجْزِهِ عن جنابته ولا عن جمعته.

وقوله: (وَقِيلَ: يُجْزِئُ) أي عن المنوي والمنسي في المسألتين، وهو منقولٌ عن أشهب، حكاه ابن شاس عنه فيما إذا نسي الجنابةَ والباجيُّ في عكسها.

وقوله: (وَقِيلَ: يُجْزِئُ فِي الأُولَى لا في الثَّانِيَةِ) أي: يُجزئه في الأولى عن المنسي، ولا يجزئ عن منسي الثانية، وهو قولُ ابن عبد الحكم.

<<  <  ج: ص:  >  >>