والصيد والطيب حتى يطوف ويسعى ثم يعتمر ويهدي، وليس عليه أن يحلق إذا رجع بعد فراغه من السعي لأنه قد حلق بمنى، ولا شيء عليه في لبس الثياب لأنه لما رمى جمرة العقبة حل له اللباس، بخلاف المعتمر؛ لأن المعتمر لا يحل له اللباس حتى يفرغ من السعي، ولا شيء عليه في الطيب؛ لأنه بعد رمي جمرة العقبة فهو خفيف، وعليه لكل صيد أصابه الجزاء، ولا دم عليه لتأخير الطواف الذي طافه حين دخل مكة على غير وضوء، وأرجو أن يكون خفيفاً؛ لأنه لم يتعمد ذلك وهو كالمراهق، والعمرة مع الهدي تجزئه من ذلك كله، وجل الناس يقولون لا عمرة عليه انتهى.
وعلى هذا ففي كلام المصنف نظر؛ لأنه جعل هذه المسألة مفرعة على تلك، وكأنه يقول: إذا طاف طواف الإفاضة على غير وضوء فإما أن يكون قد طاف بعده أو لا؟ فإن طاف بعده أجزأه وفي الدم نظر. وإن لم يطف بعده رجع.
قوله:(وَيَرْجِعُ حَلالاً إلا منَ النِّسَاءِ ...) وما ذكر إلى آخره وهو في المدونة قد جعل كل مسألة مستقلة، ولم يذكر أنه يرجع حلالاً إلا من النساء والصيد والطيب إلى آخره، إلا في مسألة الراجع للسعي، لا في حق من طاف للإفاضة بغير وضوء. ولم يحسن المصنف سياقة المسألتين كما هما في المدونة، وقد قدمنا لفظ مالك في المدونة في المسألة السابقة، وذكرنا لفظه في هذه المسألة، ويبين لك ذلك أن قول المصنف في الأولى:(وَفِي الدَّمِ نَظَرٌ) يدل على أنه لا عمرة عليه.
ابن عبد السلام: وكذلك هو الحكم، ولم يتعرض أحد ممن تكلم على المسألة فيما علمت على العمرة انتهى. وههنا لم يختلف في طلب العمرة على الجملة وإنما اختلف هل يؤمر بها على الإطلاق أو بشرط أن يطأ؟ وقد يجاب على هذه بأن المصنف إنما ذكر الخلاف في طلب العمرة إذا لم يطف بعده تطوعاً وإنما قال:(وَفِي الدَّمِ نَظَرٌ) إذا طاف بعده تطوعاً. والمصنف لم ينقل قوله:(وَيَرْجِعُ حَلالاً إِلا مِنَ النِّسَاء ... إلخ) عن المدونة. والظاهر أنه