الثاني: لم يتكلم المصنف على ما إذا طاف في السقائف. وانظر كيف شهر المصنف الإجزاء في زمزم وشبهه. والخلاف فيه على نقل ابن شاس وغيره للمتأخرين. ولكون ابن القاسم وأشهب لم يتكلما على زمزم خرجها اللخمي على قولهما في السقائف كما تقدم.
الثالث: قد تقدم أن الباجي قال بعد تصويب تأويل ابن أبي زيد بعدم الرجوع: ولا دم عليه، وهو مخالف لما حكاه ابن شاس من أحد القولين أنه يلزمه الدم؛ لأنه إذا لم يلزمه الدم مع طوافه في السقائف فلأن لا يلزمه ذلك إذا طاف وراء زمزم من باب أولى.
أما وجوب السبع ابتداءً فظاهر. ويرجع لشوط على المعروف كما تقدم. وقوله:(قَطَعَهُ وَكمََّلَ طَوَافَهُ وَأَعَادَ الرَّكْعَتَيْنِ) تقدم. وقوله:(فَإنْ كَمَّلَ سَعَْهُ ابْتَدَأَ الطَّوَافَ عَلَ الْمشْهُورِ) فيه نظر؛ لأنه يقتضي أن المشهور إذا ذكر بمجرد الفراغ من سعيه أنه يبتدئ والذي في المدونة أنه إنما يبتدئ إذا طال أمره بعد إكمال سعيه أو انتقض وضوءه. والقول بالبناء وإن فرغ السعي، ذكره بعضهم، ولعله يرى ذلك قريباً.
ظاهر قوله:(فَلَهُ أَنْ يَقْطَعَ) أنه مخير. وكلامه يقتضي وجوب القطع، كقول الأبهري في تعليل البناء إذا قطع للفريضة: لأن الطواف بالبيت [١٨٦/أ] صلاة، ولا يجوز لمن في المسجد أن يصلي بغير صلاة الإمام المؤتم به إذا كان يصلي المكتوبة؛ لأن في ذلك خلاف عليه. وكذلك علل صاحب البيان وهو مقتضى كلام العتبية وهكذا أشار ابن عبد السلام وابن راشد إلى أن ظاهر نصوصهم وجوب القطع.