فاحترز بالحج من العمرة، إذ لا إفاضة فيها. فإن قيل: إذا لم يكن فيها إفاضة فلا حاجة إلى الاحتراز عنها؛ لأن قوله:(إِلى طَوَافِ الإِفَاضَةِ) يخرجها. قيل: احترز بذلك مما لو أردف عليه الحج قبل السعي.
وبقوله:(مِنْ الْحِلِّ) مما لو أحرم بالحج من الحرم، فإنه لا قدوم عليه. وبـ (غير المراهق) من المراهق فإنه معذور في سقوط الطواف عنه. وبقوله:(وَلا حَائِضٍ) ممن طرأ عليها الحيض قبل تمام الطواف. وقوله:(ولا ناسٍ) يريد وفي حكمها المغمي عليه، وهو على قول ابن القاسم الذي يعذر الناسي، والأشهر مذهب المدونة، ومقابله لأشهب في الموازية.
يعني: فإن تركه من حَصُلَت فيه القيود المذكورة إلى طواف الوداع، وظاهر كلامه أن القولين منصوصان، والذي ذكره اللخمي وتبعه غير واحد أنهما مخرجان من القولين في إجزاء طواف التطوع عن الإفاضة. ولفظ اللخمي: يجزئه عند مالك؛ لأنه يرى أن طواف التطوع في الحج يجزئ عن الواجب، ولا يجزئ عند محمد بن عبد الحكم.
وقول المصنف:(فَيَجِبُ الدَّمُ) أي: على القول بالإجزاء. وأما على القول بعدمه فيلزمه الرجوع. ابن عبد السلام: وعلى الإجزاء فيحتمل أن يحب الدم بالاتفاق، ويحتمل أن يدخله الخلاف فيمن تركه إلى طواف الإفاضة.
أي على المشهور كما تقدم. وروى ابن القاسم أنه خففه في ترك الشوط والشوطين ثم رجع فقال: وكذلك الشك. وحكى عبد الحق أن القاضي إسماعيل قال: حُكي عن مالك فيما إذا تركه وتباعد وتطاول الأمر وأصاب النساء أنه يهدي فقط. وحكى ابن عبد البر أنه قال: كان مالك يشدد في السعي بين الصفا والمروة ولم يبلغ فيه الفرض. وقد بلغني أنه ربما لين في ذلك. وقد حكى في الإكمال عن بعض أصحابنا أنه تطوع.