قوله:(كَالأُولَى) أي: فلا يجلس على المشهور. (وَيَذْكُرُ فِي كُلِّ خُطْبَةٍ مَا يَفْعَلُ إِلَى الأُخْرَى) فيذكر في الأولى خروجهم إلى منى وأنهم يصلون بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والصبح، ثم يغدون إذا بزغت الشمس إلى عرفة، ويحرضهم على النزول بنمرة فإنهم يتركون ذلك في زماننا غالبًا، ويعلمهم في الثانية وقوفهم ودفعهم ونزولهم بمزدلفة ومبيتهم بها ودفعهم منها بعد أن يصلوا الصبح بها إلى المشعر الحرام، ورمي جمرة العقبة والحلق والنحر والإفاضة. ويعلمهم في الثالثة حكم مبيتهم بمنى وكيفية الرمي وما يلزمهم فيه وما يجوز لهم من التأخير والتعجيل وهذا ظاهر. لكن في دخول الثالثة في كلامه نظر؛ لأن قوله:(إِلَى الأُخْرَى)، يقتضي أن بعدها غيرها. والله أعلم.
أي: في يوم عرفة، وأيام منى، وأما من أدركه وقت الجمعمة بمكة يوم التروية –من مكي أو غيره ممن أقام بها أربعة أيام– فعليهم أن يصلوا الجمعة قبل أن يخرجوا، قاله مالك في الموازية. ابن القاسم: ومعناه: أنه ممن يلزمه إتمام الصلاة.
أصبغ: وأما المسافر فمخير، وأ؛ ب إلي أن يصلي الجمعة لفضيلة المسجد الحرام. وقال محمد: أحب إلى خروجه إلى منى. وإنما تكلم مالك على من يقفل حتى يأخذه الوقت. وقيل: إن الرشيد جمع مالكًا وأبا يوسف، فسأل أبو يوسف مالكًا عن إقامة الجمعة بعرفة فقال مالك: لا يجوز؛ لأنه عليه الصلاة [١٩٠/ أ] والسلام وافق الجمعة بعرفة في حجة الوداع ولم يصلها. فقال أبو يوسف: قد صلاها؛ لأنه خطب خطبتين وصلى بعدهما ركعتين: فقال مالك: أجهر فيهما بالقراءة كما يجهر في الجمعة؟ فسكت أبو يوسف وسلم.