قال في البيان بعد كلام ابن القاسم وقول ابن الماجشون: وهذا الخلافُ جارٍ على اختلافِهم في إجازةِ الوضوءِ بالماءِ المستعملِ عندَ الضرورةِ، وظاهرُ قولِ مالك في المدونة أن ذلك لا يجوزُ، مثلُ المعلوم مِن قولِ أصبغَ خلافَ قولِ ابن القاسم، وبالله التوفيق. انتهى.
ويمكن أن يُستدل للتجديد بما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه مَسح على رأسه بماءٍ جديدٍ.
وقوله:(وَلا يُعيد غَسْلَ رِجْلَيْهِ) أي: إذا توضأ فغسل رجليه ونسي مسحَ رأسِه فإنه يمسحُ رأسَه ولا يُعيد غَسْلَ رجليه.
ابن راشد: وقيل يُعيد لأجْلِ الترتيب. ابن هارون: وظاهرُ كلام المصنف وإن كان بالقُرْبِ، فلهذا قال: ولا يمسح رأسه ببللِ لحيته، ولو طال- لم يكن في لحيته بَلَلٌ، وهو في هذا مخالفٌ لمشهور المذهب من الفَرْقِ بَيْنَ أن يكون بحَضْرَةِ الوضوء أو بَعْدَ الطُّولِ. ففي الحضرةِ يأتي بالمنسيِّ وما بَعْدَهُ، وبَعْدَ الطُّولِ يأتي بالمنسيِّ فقطْ. انتهى.
خليل: وفيه نظر؛ لأن قوله:(إِنْ كَانَ وَضُوءُهُ قَدْ جَفَّ) نصٌّ في الطول، بل يُفهم منه أنه إذا لم تجفَّ أعضاؤه أنه يُعيد غَسْلَ رجليه، فليس فيه مخالفةٌ للمشهور، وأما ما احتج به مِن قوله ولذلك قال:(وَلا يَمْسَحُ رَاسَهُ بِبَلَلِ لِحْيَتِهِ) فليس فيه دليلٌ؛ فإنهما مسألتان.
وقوله:(وَرَابِعُهَا: يَفْسَدُ إِلا فِي الرَّاسِ. وَخَامِسُهَا: وَفِي الْخُفَّيْنِ) حاصلُه أن هذين القولين أَسْقَطَا وجوبَ الموالاةِ في الممسوحِ؛ لكونه مَبْنِيّاً على التخفيف، واختُلف هل ذلك خاصٌّ بالممسوح بطريقِ الأصالةِ أو هو عامٌّ في الممسوحِ سواءٌ كان بطريقِ الأصالةِ أو بطريقِ النيابةِ؟
وما نقله المصنفُ في القول الرابع والخامس موافقٌ لما نَقَلَه المازري، فإنه قال: وقيل: يفسد إلا في الممسوح، فإنه لا يفسد بالنسيان.