وأما إن أحرم عبد بغير إذن سيده فحلله ثم أعتقه فحج ينوي القضاء وحجة الإسلام أجزأته للقضاء لا للفريضة، كما لو نذر عبده فقال: إن أعتق الله رقبتي فعلي المشي إلى بيت الله في حجة. ثم أعتق فإنه يحج حجة الإسلام ثم النذر بعدها، ولا تجزئه حجته حين أعتق عنهما؛ لأنه أدخل تطوعا مع واجب. ولو كان حللها من تطوع لكانت كالعبد. انتهى. فتعلق مقابل الأصح بقوله:(وَلَوْ أَذِنَ) بقوله: (وَالْقَضَاءِ) ورأى أن جعل الإذن له وإطلاق القضاء على فعلها يدلان على التحلل سائغ، وهو تأويل ابن أبي زيد. وقوله:(بِخِلافِ الْعَبْدِ .... إلخ) ظاهر التصور من لفظ المدونة، والقائلون بالأصح اختلفوا على تأويلين؛ أولهما: أن ذلك التحلل الذي دل عليه لفظ المدونة إنما كان من اعتقاد الزوج والزوجة أنه الحكم الشرعي في المسألة، أو على سبيل التعدي من الزوج، وجعل عداءه في ذلك تحيلاً لشبهه به. فقوله:(وَلَوْ أَذِنَ) يعني: بناء على اعتقاده الفاسد، أو على تمكينه بعد ظلمه. قال المصنف:(وَهُوَ الصَّوَابُ) وهو يرجع في المعنى إلى تأويلين. وكذلك قال ابن عبد السلام: وقرره ابن هارون على أنه تأويلان حقيقة، والأول أولى؛ لقوله:(هُوَ الصَّوَابُ) فأعاد الضمير مفردا. وعلى هذا التأويل فتحللها باطل ولم تزل بعد محرمة.
ابن المواز: وعليها من الفدية وغيرها ما على المجرم، وإن وطئها فسد حجها وتتمه وتقضي ويجزئها ذلك عن حجة الإسلام، وتهدي في القضاء، وترجع بالهدي على الزوج ولو فارقها فتزوجت غيره قبل القضاء فنكحها باطل؛ لأنها محرمة، ولو تزوجت بعد تمام الفاسد وقبل القضاء جاز؛ لأنها حلت ثم تقضي بعد ذلك. ابن يونس: وقال بعض شيوخنا: ونفقتها في قضاء ما أفسد عليها على الزوج من كراء ونحو ذلك.
التأويل الثاني: أنها أحرمت قبل الميقات زماناً أو مكاناً.
وصوب المصنف الأول؛ لبقاء لفظ المدونة على ظاهره، فإن قلت: كيف جعل القول بتحليلها أولاً صحيحاً؛ لجعله إياه مقابلاً للأصح، ثم قال ثانياً: وهو الصواب فيلزم أن يكون مقابل الأصح غير صواب وذلك تهافت؟