للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَفِيهَا) عائد على التذكية. ورأينا أن نأتي بكلام اللخمي لما فيه من الفوائد ولفظه: النية في الاصطياد راجعة إلى حال الصيد من جواز أكله ومنعه. والصيد أربعة: حلال، وحرام، ومختلف فيه بالكراهة والتحريم، ومكروه.

فالأول: الغزلان وبقر الوحش والإبل، وما أشبه ذلك، والطير ما لم يكن ذا مخلب، فلا يحل اصطياد هذه إلا بنية الذكاة.

والثاني: الخنزير يجوز رميه بنية قتله لا لغير ذلك، وليس ذلك من الفساد؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لينزلن فيكم ابن مريم حكماً مقسطاً فيكسر الصليب، ويقتل الخنزير"، على هذا مذهب مالك أنه يجوز قتله ابتداء إلا أن تصيب الإنسان حاجة إليه تبيح أكله، فيستحب له أن ينوي الذكاة، قاله أبو بكر الوقار.

والثالث: الأسد والنمر والفهد والذئب والدب. فعلى القول أنه حرام يكون الحكم فيه حكم الخنزير، إلا أن ينوي الانتفاع بجلده فينوي ذكاته. وعلى القول أنه مكروه يكون بالخيار على أن يرميه بنية ذكاته على كراهة في ذلك، أو بنية القتل إن لم يرد أكله.

والرابع: الثعلب والضبع هما عند مالك أخف، وهو بالخيار بين أن يرميه بغير نية الذكاة، وإن شاء نوى الذكاة إن كان يريد أكلهما. انتهى. واعترضه ابن بشير وقال: إنما تصح الذكاة للجلود على القول بالكراهة لا على التحريم، واعترض أيضاً قوله في الضبع والثعلب: إن شاء رماها بنية القتل فقال: إن أراد مع خوف الأذى منهما فظاهر، وإلا فلأي شيء يقتلهما بغير فائدة. وإلى كلام ابن بشير أشار بقوله: (وَقِيلَ: مَبْنَى الْقَوْلَيْنِ عَلَى الْكَرَاهَةِ وَالتَّحْرِيمِ) أي: إذا قلنا بالكراهة جاز الاصطياد لأخذ الجلد، وإن قلنا بالتحريم فلا.

ابن عبد السلام: وقوله: (على القولين) المتبادر إلى الذهن أنهما القولان المنصوصان في جواز ذبحهما لأخذ جلودهما لا المخرَّجان في صيدها. والأقرب بعد التأمل أنه أراد المخرجين لا المنصوصين.

<<  <  ج: ص:  >  >>