ابن راشد وشيخنا: وكلام ابن بشير يرفع الخلاف؛ لأن له ثلاثة أحوال: إن قصد عموم الذكاة في المظنون وغيره أكل ما صاده بالاتفاق، وإن قصده بعينه دون غيره لم يؤكل الغير بالعقر اتفاقاً، وإن قصد شيئاً ولم يتعرض لغيره بنفي ولا [٢٢٢/أ] إثبات فهو محل الخلاف.
ابن راشد وابن عبد السلام: معناه إذا أرسله على بعد، ولم يتبين جنسه من أي المباحات هو بعد قطعه أنه ليس بمحرم. ابن راشد: ولم أقف على هذه المسألة. انتهى.
وقد ذكر اللخمي، ولم يذكر فيها خلافاً، ولفظه: ولو رمى وهو يرى أنه صيد ولا يعرف أي صنف هو لجاز أكله، وليس من شرط الجواز أن يعلم جنسه. ويحتمل أن يريد به ما ذكره ابن بشير ولفظه: وإذا أرسل ولم يقصد شيئاً، وإنما قصد ما يأخذه فهل يكتفي بذلك وتصح ذكاة ما أخذه؟ فيه قولان: أحدهما: الصحة، والثاني: عدمها، وهذا يشعر بالخلاف في وجوب التعيين وعدمه. وإلى حمل كلام المصنف على هذا ذهب ابن هارون.
وكان شيخنا رحمه الله تعالى يحمله على وجه آخر؛ وهو إذا أرسل كلبه في غار لا يدري هل فيه صيد أم لا؟ وقد ذكر ابن الجلاب مسألة الغار ونص فيها على الأكل. وصرح المازري بأن المشهور لا يشترط رؤية الصيد بل يجوز الإرسال على ما وراء أَكَمَة، وما في مغارة خلافاً لأشهب. وحكى صاحب البيان وجماعة من الشيوخ في الغار والغَيْضَة ثلاثة أقوال؛ قال أصبغ وابن المواز بالأكل فيهما، وقال سحنون: لا يؤكل فيهما. وفرق ابن القاسم فقال: يؤكل ما في الغار، ولا يؤكل ما في الغيضة لاحتمال أن يدخل الصيد فيها بعد الإرسال، وذلك مأمون في الغار. وتمشية شيخنا أولى، وظاهر كلام ابن هارون ليس بعيداً منه، والله أعلم.