للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ورابعها: حكاه اللخمي والمازري عن ابن الماجشون: إن وجده من الغد منفوذ المقاتل أُكل في السهم والجارح، وإن لم يجده منفوذ المقاتل لم يؤكل، وعلى هذا فالخلاف مطلق أنفذت مقاتله أم لا. وقصر ابن رشد الخلاف على ما إذا وجده من الغد منفوذ المقاتل. وعورض ما قاله مالك بنقل خلافه، وقد تقدم في حديث عدي الأكل بعد الثلاث، وفي بعض طرقه: كُلْهُ ما لم ينتن. وقوله: (بانفراده)، ابن عبد السلام: أي انفرد بنقل ما نسبه إلى السنة، وليس بصحيح؛ لأنه يوافقه في ذلك حديثان:

الأول: ذكره أبو داود في مراسيله، قال: جاء رجل بصيد للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني رميته من الليل، فأعياني ووجدت سهمي فيه من الغد، وقد عرفت سهمي، فقال: "الليل خلق من خلق الله عظيم، لعله أعانك عليه شيء انبذها عنك".

الثاني: ورد قريب منه في بعض طرق عدي انتهى بالمعنى. والظاهر أن المراد بالانفراد عدم الموافق له في مقالته: لأنه لم ينقل غيره ما نقل، فإنه لا عبرة بذلك. ونقل مالك وحده كافٍ في الثبوت.

وَإِنْ لَمْ يَبِتْ وَلَكِنَّهُ تَرَكَهُمَا وَرَجَعَ لَمْ يَأَكُلْهُ؛ إِذْ لَعَلَّهُ لَوْ طَلَبَهُ كَانَ يَدْرِكُ ذَكَاتَهُ

الضمير في (تَرَكَهُمَا) راجع إلى الصيد والجارح أو السهم، ولم يأكله لتفريطه.

وَلَوْ قَدَرَ عَلَى خَلاصِهِ مِنْهَا فَذَكَّاهُ وَهُوَ فِي أَفْوَاهِهَا لَمْ يُؤْكَلْ إِلا أَنْ يُوقِنَ أَنَّهُ مَاتَ مِنْ ذَبْحِهِ ...

لأنه لما قدر عليه تعينت الذكاة، واستثناء المصنف اليقين يمنع ما [٢٢٣/أ] إذا ظن أنه مات من الذكاة، وهو المشهور كما تقدم. وقال في المدونة: ولو قدر على خلاصة منها فذكاه وهو في أفواهها تنهشه فلا يأكله؛ إذ لعله من نهشها مات، إلا أن يوقن أنه ذكاه وهو مجتمع الحياة قبل أن تُنفِذ هي مقاتله، فيجوز أكله وبئس ما صنع.

<<  <  ج: ص:  >  >>