وخُصَّ قولُه صلى الله عليه وسلم:"شَرِّقُوا أَوْ غَرِّبُوا" بِمَن لم تكن قِبلتهم في المَشْرِقِ ولا في المَغْرِبِ.
قال في التهذيب: ولا يُكره استقبالُ القِبلةِ ولا استدبارُها لبولٍ أو غائطٍ أو مُجامَعَةٍ إلا في الفَلَواتِ، وأمَّا في المدائنِ والقُرَى، والمراحيضِ التي على السُّطوحِ فلا بأسَ به، وإن كانت تَلِي القبلةَ. وظاهرُه جوازُ الاستقبالِ في الكَنِيفِ، وإن لم تَكن مشقةٌ بدليل جوازِ المجامعةِ ولا ضرورةَ فيها. قاله اللخميّ وابنُ رشد وعياضٌ وسندٌ. وهذا كله مخالِفٌ لمفهومِ كلامِ المصنفِ؛ لأن مفهوم قوله (مُلْجَأ) أنه لو لم يكن ملجَأً، وأمكنه الانحرافُ، أنه لا يجوز حينئذٌ الاستقبالُ ولا الاستدبارُ. نَعَمْ يُوافِقُ كلامَ المصنفِ- على نظرٍ فيه- ما في الواضحة والمختصر أنه يَجوز الاستقبالُ والاستدبارُ في الكَنِيفِ مع المشقةِ.
وقد يُقال: ليس مرادُ المصنف ذلك بذكر الملجَإِ أنه لا يجوز في غيرِ الملجأ، بل أراد التنبيه على عِلَّةِ الجوازِ في المراحيضِ، وهو عُسْرُ التَّحوُّلِ.
سندٌ: وظاهرُ قوله فيها: والمراحيض التي على السطوحِ. الجوازُ، وإن لم يكن ساترٌ، وعلى ذلك حَمَلَه في تهذيب الطالب، ونقل أبو الحسن تأويلاً آخر: أن ما في المدونة مَحمولٌ على السَّاتِرِ. وقال ابن بشير: الموضعُ إن كان لا مراحيضَ فيه ولا ساترَ فلا يَجوز فيه الاستقبالُ ولا الاستدبارُ، أو تكون فيه المراحيضُ والساترُ فيجلس بحسب ما تقتضيه المراحيضُ، أو يكون ذا مراحيضَ ولا ساترَ فيجلس بحسب ما تقتضيه المراحيضُ أيضاً للضرورة، أو يكون ذا ساترٍ ولا مراحيضَ ففي المذهب قولان.
وسبب الخلاف: هل العِلَّةُ المُصَلُّونَ فيجوزُ بالساتِرِ، أو القِبْلَةُ فلا يجوز أصلاً؟
قال اللخمي: وعلَى مَن أَحَبَّ بناءَ ذلك أن يجعلَه إلى غيرِ القِبلةِ إلا أن لا يتيسرَ له ذلك.
وقوله:(بِسَاتِرٍ) متعلق بمحذوف، أي: كان ساتراً أو غ يره.