للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لكن في أخذ الصورتين من لفظ المدونة نظر؛ لأن الذي فيها: وإذا دجن عندك صيد ثم ند فصيد بحدثان ما عند ولم يتوحش فهو لك، وإن لم يؤخذ بحدثانه وقد لحق بالوحش، فهو لمن صاده ظبياً كان أو بازيّاً أو غيره. انتهى.

فأنت تراه لم يتكلم على ما إذا لم يتأنس عند الأول بشيء، سواء لحق بالوحش أم لا، ولهذا عين المازري المشهور فيما إذا تأنس ولحق بالوحش، فقال: إن لحق بالوحش وصار من جملته بعد التانس فالمشهور من المذهب أنه للثاني. وقال ابن عبد الحكم: إنه للأول. واختلف أيضاً إذا لحق بالوحش قبل أن يتأنس عند الأول، فقال محمد بن عبد الحكم: هو للأول. وقيل: هو للثاني وفي الذخيرة: اتفقوا على الحربي يؤسر ثم يأبق إلى بلاد الحرب ثم يؤسر أنه للأول، وهو شديد الشبه بالصيد. وفرق بعض أصحابنا بأن الحربي له من يمنعه، والصيد بقي دون مانع كموات الأرض إذا حيي ثم خرب. انتهى. وحكى في الجواهر قولاً رابعاً، فقال بعد ذكر الثلاثة: وقيل: إن طال مقامه عن الأول فهو للثاني، وإن لم يطل فهو للأول.

واعلم أن قول المصنف في القول الثالث: (طَالَ) ليس بظاهر؛ لأنه يقتضي أنه إنما يكون للثاني لمجموع الطول والتوحش، ومذهب المدونة الاكتفاء بالتوحش، ولهذا لم يذكر صاحب الجواهر الطول في القول الثالث، وحيث حكمنا به للأول فالمنصوص أنه يغرم للثاني أجر تعبه في تحصيله، واعترض بمسألة الآبق، فإنهم لم يجعلوا له جُعلاً إلا بشرط أن يكون شأنه طلب الإباق.

خليل: وقد يفرق بأن ملك الثاني للصيد قوي بدليل أنه له على بعض الأقوال، وهو لم يدخل إلا على تملكه، فإذا لم يقض له به فلا أقل من أن يأخذ أجر تعبه، بخلاف العبد لأنه إن أخذه دخل على أنه لغيره فهو متبرع.

<<  <  ج: ص:  >  >>