واحترز بقوله:(مِمَّنْ لا يَسْتَحِلُّ الْمَيْتَةَ) ممن يستحلها وسيأتي حكمه. وعدل المصنف عن أن يقول: الشراء من ذبائحهم، والأصل في هذا أن الله تعالى أباح لنا طعامهم.
يعني: أن في المسألتين ثلاثة أقوال: التحريم فيهما؛ لأنه ليس من طعامهم فلا يحل لنا، ولأن الذكاة تفتقر إلى نية وهم لم ينووها.
والثاني: الإباحة فيهما، وهو قول ابن وهب وابن عبد الحكم نظراً إلى وجوب الذكاة: قد انتسخ شرعهم بشرعنا، والمشهور الفرق.
فما ثبت تحريمه عليهم بشرعنا فهو حرام كذي الظفر، وما لم يثبت تحريمه بشرعنا فهو جائز، كالذي يجدونه فاسد الرنة ويسمى الطريقة.
وزاد ابن بشير قولاً ثالثاً فيما ثبت تحريمه بشرعنا بالكراهة، وهو يؤخذ من بعض النسخ، كقول المصنف:(فَمَشْهُورُهَا التَّحْرِيمُ).
وذكر في المدونة في الطريقة قولين: مرة على الكراهة ولمي حرمه، وعلى هذا ففي قوله:(وَإِلا فَالْعَكْسُ) نظر؛ لأنه يقتضي أن المشهور الجواز، إذ هو عكس التحريم حقيقة، والذي رجع إليه مالك الكراهة. ورأى صاحب البيان أنه لا يحل لنا أكل ما ذبحوه من ذي الظفر بلا خلاف، وأن ما وقع مما يوهم خلاف ذلك فهو راجع إليه.
فرع: اختلف في شحوم اليهود، فحكى اللخمي فيها الثلاثة الأقوال التي تقدمت فيما ثبت تحريمه عليهم بشرعنا، وزاد رابعاً بالفرق وبجواز الشحم لأن الذكاة لا تتبعض، بخلاف ما ثبت تحريمه بشرعنا. والقول بتحريمه لمالك في كتاب محمد، ونسب لابن القاسم وأشهب في المبسوط الجواز. وهو قول ابن نافع.