أي: أنهما من صيد البر فيفتقران إلى الذكاة، وهذا هو المشهور كما سيأتي من كلام المصنف. والقول بأن الجراد لا يفتقر إلى الذكاة لمطرف، قيل: لأنه نثرة حوت كما روي عن كعب. وقيل: لأنه لا نفس له سائلة بناءً على أن ما هذا صفته لا يفتقر إلى الذكاة، وضعف اللخمي الأول بأن كونه نثرة حوت لا يعرف إلا من قول كعب الأحبار عن كتبهم، ولا خلاف انه لا يجب علينا العمل بمثل هذا ولا تُعُبِّدنا به، ولأنه الآن من صيد البر فيه يخلق وفيه يعيش فلم يكن لاعتبار الأصل فيه وجه. وقد حكم عمر رضي الله عنه على المحرِم فيه بالجزاء. وعلى الافتقار فقال ابن وهب: أخذه ذكاته، فيفرق بين ما يؤخذ حيّاً وميْتاً، والمشهور: لابد أن يفعل فيه فعل، فإن كان هذا الفعل مما يعجِّل موته به فهو ذكاته باتفاق.
قال في البيان: وذلك كقطع رؤوسها، وإلقائها في النار والماء الحار.
وإن كان مما لا يعجل قال في البيان: كقطع أرجلها وأجنحتها وسلقها في الماء البارد، فسحنون لا يرى ذلك ذكاة. ومذهب المدونة أن ذلك ذكاة، ولفظها: ولا تؤكل ميتة الجراد ولا ما مات منه في الغرائر. ولا يؤكل إلا ما قُطع رأسه أو سُلق أو قُلي أو شُوي حيّاً، وإن لم يقطع رأسه ولو قطعت أرجله وأجنحته فمات من ذلك لأُكل. انتهى.