مذهب أكثر الشيوخ أن النحر خاص باللَّبَّة، ومذهب ابن لبابة واللخمي أنه يصح فيما بين اللبة والمنحر، وأخذ اللخمي ذلك مما في المبسوط أن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه بعث منادياً ينادي: النحر في الحلق واللبة. ومن قول مالك في المدونة: ما بين المذبح واللبة منحر ومذبح، فإن نحر فجائز وإن ذبح فجائز.
اللخمي: ولا يتجزئ في ذلك بالطعن في الحلقوم بانفراده دون أن يصيب شيئاً من الأوداج؛ لأن ذلك مما لا يسرع معه الموت، وإنما يجزئ من ذلك ما كان يسيح معه الدم ويسرع بالموت. لما في الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال:"ما أنهر الدم وذُكر اسم الله عليه فكل". ورد في البيان قول اللخمي، أما قول عمر فإن المراد بالنحر الذكاة، وعبر عن الذكاة بالنحر؛ لأنه جُلُّ عملهم في ذلك اليوم كما سمي ذلك اليوم يوم النحر.
وأما مالك رحمه الله فلم يرد أن ما بين اللبة والمذبح هو موضع النحر والذبح مع القدرة، وإنما أجاز ذلك إذا لم يصل إلى المذبح ولا إلى المنحر بسقوط البهيمة في البئر؛ مراعاة لقول من أجاز نحرها حيث أمكن من جنب أو غيره، وهذا بَيِّن من مراده في المدونة.