أحدها: أن تكون حياتها مرجوة فلا خلاف في إعمال الذكاة فيها.
والثاني: أن تكون قد أنفذت مقاتلها فلا تفيد الذكاة فيها باتفاق، على رأي بعض الشيوخ.
والثالث: إن يئس منها، لكن لم تنفذ المقاتل، فحكى الباجي وغيره قولين.
وفي البيان يتحصل في المنخنقة وأخواتها إذا سلمت مقاتلها ثلاثة أقوال:
أحدها: أنها تذكي وتؤكل على أنها لا تعيش من ذلك، أو أشكل أمرها كالمريضة سواء، وهو مذهب ابن القاسم وروايته عن مالك، على القول بأن الاستثناء في الآية متصل.
والثاني: أنها لا تذكي ولا تؤكل، عُلم أنها لا تعيش أو أشكل أمرها، بخلاف المريضة، وهو قول ابن الماجشون وابن عبد الحكم على القول بأن الاستثناء في الآية منفصل.
والثالث: الفرق بين أن يعلم أنها تعيش أو يشكل أمرها، وهو الذي يقوم مما في العتبية وهو على القول بأن الاستثناء في الآية منفصل، وحمل التونسي التي أشكل أمرها محمل التي رجيت حياتها. وحكى اللخمي قولين مع إنفاذ المقاتل إذا لم يكن ذلك المقتل في موضع الذكاة.
ابن عبد السلام: وللشيوخ فيما أنفذت مقاتله طريقان، منهم من يزعم أنه لا خلاف منصوص في المذهب في عدم تأثير الذكاة فيها، وإنما يتخرج الخلاف فيها من أحد قولي ابن القاسم فيمن أنفذ مقاتل رجل، ثم أجهز الآخر عليه، هل يقتل الأول أو الثاني؟ فمن يرى قتل الثاني دون الأول يلزمه أن يقول هنا بصحة الذكاة. وقدح في ذلك بعضهم بأنه يجوز أن يكون القتل الثاني لحقن الدماء؛ لئلا يتجرأ عليها، بخلاف الحيوان البهيمي. ومنهم من يذكر الخلاف في ذلك وينسبه لابن القاسم، ولعله أخذه مما ذكرناه، وبعضهم ينسبه لابن وهب وغيره. انتهى. وفي التنبيهات روى ابن القاسم الأكل بالذكاة وإن انتثرت الحشوة، وبه كان يفتي بعض الفقهاء الأندلسيين من متقدمي أصحابنا، وهو إبراهيم بن حسين بن خالد، وحاج في ذلك سحنون، وأعجب ذلك ابن لبابة من قوله.