أولها: أن التأثيم أو الاستغفار في كلامهم ليس خالصاً بالوجوب، بل يطلقون التأثيم كثيراً على ترك السنن، وربما أبطلوا الصلاة ببعض السنن، ويقولون: تارك بعضها يستغفر الله، كما قال مالك في المدونة في تارك الإقامة.
ثانيها: وهو الذي ذكره المصنف أنه محمول على أنه كان أوجبها، وسيأتي بماذا تجب.
ثالثها: أن التأثيم من قول ابن القاسم واجتهاده، وما ذكره من الاستحباب من قول مالك فلا تناقض فيه لاختلاف القائل. واعلم أن هذا الكلام ليس له هنا كبير جدوى؛ لأن القولين منصوصان خارج المدونة، وكلامه يوهم أنه للقولين أصل من كلامه في المدونة وليس كذلك.
لما ذكر أن مسألة المدونة حملت على الوجوب أخذ يبين بماذا تجب، وذكر أنها تجب بثلاثة أمور: اثنان مختلف فيهما، والثالث متفق عليه.
فالأولان: الأول منهما: التزام اللسان؛ أي: مع النية وإلا فاللفظ وحده يكفي. والثاني: النية مع الشراء، ولا يريد خصوصية الشراء بل فعل مع النية أي فعل كان، وذكر أن هذا هو المعروف. وفي الجواهر: إذا قال جعلت هذه الشاة أضحية تعينت. وحكى القاضي أبو الوليد في المذهب قولاً بأنها لا تجب إلا بالذبح. انتهى.
وفي قوله:"حكى الباجي" قولاً. نظرٌ؛ لأنه المذهب عند الباجي، ففي الباجي: ولا تتعين الأضحية بشرائها لذلك على سبيل الوجوب، وإنما تتعين على سبيل الوجوب بالذبح. وقال إسماعيل: وقبل فري الأوداج؛ لأنه قد وجد منه النية والفعل. وقد قال إسماعيل وجماعة من شيوخنا: تتعين بالنية والقول باللسان، وتجب بذلك كما تجب