نص التهذيب: ومن قال: والله ما لقيت فلاناً أمس، وهو لا يدري ألقيه أم لا؟ ثم علم بعد يمينه أنه كما حلف بر، فقد خاطر وسلم، وإن كان على خلاف ذلك أثم، وكان كمتعمد الكذب وهو مخالف لقوله:(وَإِلا فَقَدْ سَلِمَ)؛ لأن قوله:(وَإِلا) يدخل فيه صورتان:
الأولى: أن يعلم صدق ما حلف عليه.
والثانية: أن يبقى على شكه، وهذه الثانية غموس على كلامه في المدونة.
التونسي: وقال في الذي حلف لقد لقيني فلان أمس، وهو شاك حين يمينه، ثم تحقق أنه لقيه قد بر، وإن لم يتحقق ذلك أنه لم يلقه، فقد أثم. وفي هذا نظر؛ لأن يمينه على الشك وهي معصية، فإذا كشف الغيب أن الأمر كما حلف عليه لم يسلم من إثم الجرأة على اليمين ي أمر لا يتحققه. اللخمي: وأرجو أن يكون إثم الشاك أخف من إثم متعمد الكذب. ابن عبد السلام: وحمل غير واحد لفظ المدونة على أنه وافق البر في الظهر؛ لأن إثم جرأته بالإقدام على الحلف شاكاً سقط [٢٣٧/ب] عنه. لأن ذلك لا يزيله إلا التوبة وهو ظاهر في الفقه إلا أنه بعيد من لفظ المدونة.
قُلْتُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ الظَّنَّ كَذَلِكَ
أي: يلحق بمسألة المدونة، ويفعل فيه كما فعل في مسألة المدونة إذا حلف مع ظن صدق ما حلف عليه، والجامع أنه في كلا المسألتين أقدم على الحلف غير جازم. ونسبة المصنف هذا الكلام لنفسه تقتضي أنه لم يره لغيره. وقد نقله في النوادر عن ابن المواز قال: وكذلك الحالف على شك أو ظن فإن صادف ذلك كما حلف عليه فلا شيء عليه، وقد خاطر، فعطفه الظن على الشك دليل على أنه أراد حقيقته العرفية، وهو مقتضى كلام ابن يونس فإنه قال: وأما قولهم في الغموس وهو أن يحلف على أمر يظنه يريد: وهو لا يوقنه،