وقوله: (أو شىءٍ مكتوبٍ) يريد لحرمة الحروف, وتختلف الحرمة بحسب ما كتب فيه, وفي معنى المكتوب الغير مكتوبٍ لما فيه من النشاء.
وَكَذَلِكَ الرَّوْثُ وَالْعَظْمُ وَالْحُمَمَةُ عَلَى الأَصَحِّ
(الأَصَحِّ) راجعٌ إلى الثلاثة, أما الروثُ والعظمُ فيحتمل أن يُريد بهما إذا كانا طاهِرَين, ويحتمل [٢٢/ب] أن يريد: إذا كانا نجسين يابسين, ويحتمل أن يريد المجموعَ. وقد حكى اللخميُّ في كل منهما قولين, ويكون وجه المنع فى الطاهرين حديثَ البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه حيث قال له: "لا تَاتِنِى بِرَوْثٍ ولا بعَظْمٍ".
وما رواه أبو داوود أنه قَدِمَ وَفْدٌ مِن الجِنِّ على النبي صلى الله عليه وسلم, فقالوا: يا محمد, انهَ أُمَّتَكَ أن يَسْتَنْجُوا بعَظْمٍ أو رَوْثٍ أو حُمَمَةٍ, فإنَّ الله تعالى جَعل لنا فيها رزقاً. فنهى النبيُّ صلى الله عليه وسلم عن ذلك.
قال أبو عبيد: الحُمَمَةُ: الفحمة. وقيل في تَعليل العَظْمِ لأنه لا يُنْقِي لمُلُوسَتِه, وقيل لأنه من المطعوماتِ إِذْ قد يُؤْكَلُ فى الشدائد, وقيل لأنه لا يَعْرَى عن دَسَمٍ فيزيدُ المحلَّ تنجيساً.
ونَقل ابن يونس أن ابن القاسم روى عن مالك أنه كَرِهَ الاستجمارَ بالرَّوْثِ والعَظْمِ.
قال فى البيان: واجمعوا على أنه لا يجوز الاستجمار بما له حُرمة مِن الأطعمةِ, وكل ما فيه رُطوبةٌ من النجاسات.
وأما الحُمَمَةُ فقال المصنفُ: إن الأصحَّ فيها عدمُ الجوازِ. وقال التلمساني: إن ظاهرَ المذهبِ الجوازُ, والنقلُ يُؤيده. قال أشهب فى العتبية: سئل مالك عن الاستنجاء بالعظم والحممة, فقال: ما سمعت فيه نهياً عاماً, ولا أرى به بأساً فى عِلْمِي. وقال اللخمي: اختُلف فى العُودِ, والخِرَقِ, والفَحْمِ, وما أشبه ذلك مما هو طاهرٌ ولا حُرْمَةَ له, ولا يَتعلق