وأُجيب بأنَّ الأَوَّلَ إنما يدل على مفهومِ العَدَدِ, ويُمْنَعُ, ولو سُلَّمَ فإنما ذلك ما لم تعارِضْه دلالةُ المنطوقِ, وقد روى أبو داوود "ومَن استجمرَ فليُوتِرْ, من فَعَلَ فقد أَحْسَنَ, ومَنْ تَرَكَ فلا حَرَجَ". وعن الثانى بأنه محمولٌ على الندبِ جمعاً بين الأَدِلَّةِ.
وعلى الْمَشْهُورِ: فهل يُطلب الوِتْرُ؟
ابن هارون: لم نرَ لأصحابِنا فيه [٢٣/أ] نصّاً, والذى سمعتُ قديماً في المذاكرات أنه يُطْلَبُ الوترُ إلى السَّبْعِ, فإِنْ لم يُنْقِ بها لم يَطلب إلا الإنقاءَ فيما زاد من غيرِ مراعاةِ وِتْرٍ قياساً على غَسْلِ الإناء مِن ولوغ الكلب.
وقوله: (لِكُلِّ مَخْرَجٍ) ابن هارون: يحتمل أن يكون المعنى: ففي تعيينِ ثلاثةٍ أَوْ لا قولان, ويكون القولُ بعدم التعيين يُكتفى فيه بالحجرِ الواحدِ, وهو الْمَشْهُورِ, ويكون مقابلُ الْمَشْهُورِ –على هذا الاحتمال- قولَ ابن شعبان, وهو ظاهرُ لفظِه, ويحتمل أن يكونَ قَصَدَ ذِكْرَ الخلافِ فى تعيينِ ثلاثةٍ لكلِّ مخرجٍ, أو الاكتفاءِ بثلاثةٍ لهما معاً, وقد ذكر ابن بشير هذين القولين.
وَعَلَى تَعْيينِها فَفِي حَجَرٍ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ قَوْلانِ. وَفِي إِمْرَارِهَا عَلَى جَمِيعِ الْمَوْضِعِ أَوْ لِكُلِّ جِهَةٍ وَاحِدٌ وَالثَّالِثُ لِلْوَسَطِ قَوْلانِ ....
بناءً على الوقوفِ مع ظاهرِ اللفظِ, أو لأن المقصودَ مِن الثلاثةِ حاصلٌ, والأحسنُ أن لو قال: ثلاثة رؤوس؛ لأن الشُّعْبَةُ ما بين الرأسين.
وقوله: (وَفِي إِمْرَارِهَا عَلَى جَمِيعِ الْمَوْضِعِ) الخلافُ في ذلك راجعٌ إلى الخلافِ في شهادةِ أيّهما أَنْقَى, وهذا إنما هو في الدُّبُرِ, وأما القُبُلُ فلا بُدَّ مِن تعميمِ المحلِّ, والقولُ الأولُ أظهرُ, ووجهُ الثانى أن المسحَ مبنيٌّ على التخفيف.