للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

التونسي: والأشبه في غير المعين أنه لا يلزمه نذر هدي ما لا يصلح أن يكون هدياً كمن نذر صلاة في وقت لا يجوز أن يصلي فيه، وكالصحيح فيمن نذر صوم أيام الذبح أو سنة بعينها أنه لا يقضي أيام الذبح. وقال اللخمي: أرى المعين وغيره سواء، فإن نذر وهو يظن أن ذلك يجوز لم يكن عليه غير ما ألزم نفسه، فيبيع المعين ويخرج قيمة ما في الذمة على أنه معيب فيشتري بذلك سليماً إن يبلغ أو يشارك به، وإن كان عالماً أن ذلك لا يجوز كان نذراً في معصية معيناً كان أو مضموناً، ويستحب له أن يأتي بسليمة ليكون كفارة كما في نذره نحر ولده.

فَإنْ قَصَّرَ عَنِ التَّعْوِيضِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: يَتَصَدَّقُ بِهِ حَيْثُ شَاءَ، وَفِيهَا أَيْضاً: يَبْعَثُهُ إِلى خَزَنَةِ الْكَعْبَةِ يُنْفَقُ عَلَيْهَا، وَأَعْظَمَ مَالِكٌ أَنْ يَشْتَرِكَ مَعَهُمْ أَحَدٌ؛ لأَنَّهُ وَلايَةٌ مِنْهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ دَفَعَ الْمَفَاتِيحَ لِعُثْمَانَ بْنِ طَلْحَةَ، وَقِيلَ: يَخْتَصُّ أَهْلُ الْحَرَمِ بالثَّمَنِ، وَقِيلَ: يُشَارِكُ بِهِ فِي هَدْيٍ ....

يعني: فإن قصر ثمن ما لا يُهدَى كالعبد، أو فضل من ثمنه ما لا يبلغ ثمن هدي. ونص التهذيب: فإن لم يبلغ ذلك ثمن هدي وأدناه شاة قال مالك: يبعثه إلى خَزَنَة الكعبة ينفق عليها، وقال ابن القاسم: أحب إلي أن يتصدق به حيث شاء. ومنه تعلم أن قوله: (قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: يَتَصَدَّقُ بهِ) ليس بجيد؛ لإيهامه وجوب الصدقة، وأشعر قول المصنف أيضاً بأن قول ابن القاسم في المدونة أيضاً وفي قول مالك إشكال، ولعل ذلك هو الموجب لنسبة ذلك إلى المدونة؛ إذ الكعبة لا تنقض فتبنى، ولا يكسوها إلا الملوك، ويأتيها من الطيب ما فيه كفاية، وهي إن كانت تكنس فمكانسها من خوص قبل الكنس تساوي فلساً وبعد الكنس تساوي الدراهم، فلم يبق إلا أن تأكله الخزنة، وليس هو من قصد الناذر [٢٥٦/أ] في شيء، لكن في الموازية ما يدفع هذا الإشكال فإنه قال بعد قوله (يُنْفَقُ عَلَيْهَا): فإن لم تحتج إليه الكعبة تصدق به. وساقه ابن يونس على أنه تقييد، وهو كذلك إن شاء الله تعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>