للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ابن بشير: أو يذكر موضعاً من مواضع مكة أو منّى لزمه هدي لقرينة ذكره هذه المواضع، فإنها تدل على القرية عرفاً، وإن لم يذكر هذه المواضع فلا شيء عليه كما قال المصنف.

وقوله: (وقيلَ: تلزمه كَفَّارَةُ يَمِينٍ) أي: سواء ذكر هذه المواضع أم لا. وهذا القول أيضاً في المدونة، ففيها: ومن قال: إن فعلت كذا فأنا أنحر ولدي. فحنث فعليه كفارة يمين، وقاله ابن عباس، ثم رجع مالك فقال: لا كفارة عليه ولا غيرها إلا أن ينوي به وجه الهدي فعليه هدي. ابن القاسم: وهذا أحب إلي من الذي سمعت منه، والذي سمعت منه: إذا لم يقل عند مقام إبراهيم فعليه كفارة يمين، وإن قال: عند مقام إبراهيم فليهدِ، فذكر فيها ثلاثة أقوال.

واختلف الشيوخ في محل الخلاف، فقال صاحب تهذيب الطالب: لم يختلف قول مالك متى نوى وجه الهدي أنه لزمه الهدي، واختلف قوله إذا لم تكن له نية، فقال مرة: عليه كفارة يمين، وقال مرة: لا شيء عليه، وعلى هذا فيقيد قوله الأول: "عليه كفارة [٢٥٦/ب] يمين" بما إذا لم يرد وجه الهدي. وقال أبو عمران في تعاليقه: أعرف أنه إنما اختلف قول مالك في الذي ينذر نحر ولده فيمن لم تكن له نية، قال مرة: عليه الهدي، وقال مرة: لا هدي عليه، وأما إن نوى الهدي فعلي الهدي بالاتفاق، وهكذا كلام عبد الحق، غير أن أحد القولين في كلام عبد الحق: وعليه الكفارة. وأَلْحَقَ عبدُ الحق ذِكْرَ المقامِ بِنيَّةٍ.

وكلام اللخمي يقتضي وجود الخلاف مطلقاً سواء نوى الهدي أم لا ذكر المقام أم لا؛ لأنه قال: إن أراد نحر ولده فلا شيء عليه، وإن أراد أن يجعله هدياً وقال ما يدل على ذلك، فقال: عند مقام إبراهيم أو عند الصفا أو المروة، كان عليه عند مالك هدي وقال مرة: كفارة يمين، فإن قلت: إنما فرض المسألة في المدونة في التعليق وكلام المصنف أعم وقد نص بعض القرويين على أنه إنما يلزم الهدي في التعليق.

<<  <  ج: ص:  >  >>