هذا الخلاف في الروم، وأما القبط، ففي المدونة: لا يقاتلون ولا يبيتون حتى يدعوا ولم ير أن دعوة الإسلام قد بلغتهم. ابن يونس: يريد أنهم قوم لا يفقهون، فكأنه رأى أنهم لم يفقهوا ما يدعون إليه فرأى أن يدعوا وتبين لهم الدعوة؛ لا كما قيل: إنما ذلك لأن مارية القبطية أم ولده صلى الله عليه وسلم، وأنكر ذلك بعض الناس وقال: القبط من أحذق الناس، وإنما العلة فيهم أنه كان لهم عهد فركبوا بالظلم وتداول الملوك ذلك من أهل الجور فنقضوا ما كانوا عليه من العهد، فلذلك لم يقاتلوا حتى يدعوا ويخبرون أنهم يردون إلى ما كانوا عليه، ويسار فيهم بالعدل وطريق الحق، وأما الروم فما كان لهم عهد قط.
فرع:
فإن قوتل من لم تبلغه الدعوة قبلها فقتلوهم وغنموا أموالهم وأولادهم، فمذهبنا أنه لا شيء على المسلمين من دية ولا كفارة. المازري: وهو مذهب [٢٥٩/ أ] أبي حنيفة.
وقال الشافعي: فيه الدية، وحجتنا أن النهي عن قتالهم قبل الدعوة لا توجب مخالفته الدية؛ كقتل النساء والصبيان.
وحكى المازري عن بعض أصحابنا البغداديين: أنه لو ثبت لنا أن هذا المقتول متمسك بكتابه وآمن بنبيه حسبما اقتضاه كتابه، ولكنه لم يعلم ببعثته صلى الله عليه وسلم فقتل قبل الدعوة فإن فيه الدية.
ليس هو مخير كما هو ظاهر كلامه، بل يدعون أولاً إلى الإسلام فإن أبوا فإلى الجزية. التونسي: وفي الواضحة: إذا وجبت الدعوة فإنما يدعون إلى الإسلام جملة من غير ذكر الشرائع إلا أن يسألوا عنها فتبين لهم، وكذلك الجزية جملة بلا توقيت ولا تحديد إلا أن يسألوا فتبين لهم. وذكر اللخمي وغيره: أن صفة الدعوة تختلف وكلها راجعة إلى أن