يعني: إذا عين بعثاً فأراد بعض من أمر بالخروج أن يجعل جعلاً، جاز بشرط أن يكونا من ديوان واحد. مالك في المدونة: لأن عليهم سد الثغور، وربما خرج لهم العطاء، وربما لم يخرج. قال فيها: ولا يعجبني أن يجعل لمن ليس معهم في ديوان ليغزو عنه، وقد كره مالك لمن في السبيل إجارة فرسه لمن يرابط عليه أو يغزو عليه، كمن بعسقلان وشبهها، فهو إذا أجر نفسه أشد كراهة. وكان مالك- رحمه الله- أشار إلى أن الأصل منع هذه الإجارة؛ لكونها إجارة مجهولة، وإنما أجاز ذلك إذا كانا من ديوان واحد؛ لأن على كل واحد منهما ما على الآخر فليست إجارة حقيقة، وما ذكرناه من عدم الجواز إذا لم يكونا من ديوان واحد كذلك صرح به التونسي، قال هو وابن يونس وغيرهما: ولا يخرج أحد عن أحد إلا بإذن الإمام ولو كان الثاني أشجع؛ لأن الإمام قد يرى من سماه أولى.
التونسي: أما إذا قال: يخرج من البعث الفلاني مائة فأعطى بعضهم لبعض على أن يخرج عنه، فقال الإمام: إذا أخرج جاز ذلك؛ لأن الإمام لم يسم أحداً، ولو قال: يخرج جملة بعث أهل الصيف، فأراد بعضهم أن يجعل لمن يخرج في الربيع لم يجز إلا بإذن الإمام؛ لأنه قد عين من يخرج فلا يخرج غيره إلا بإذنه، وينبغي إذا أتاه من يقوم مقامه ألا يكلفه الخروج؛ إذ لا ضرر عليه في ذلك، وهذا جائز إلا لمن وقف نفسه لهذا يلتمس الزيادة فمتى وجدها خرج، فمكروه.
ولا يُسَافَرُ بِالنِّسَاءِ إِلَيهِمْ إِلا فِي جَيْشٍ كبيرٍ آمِنٍ، ولا يُسَافَرُ بِالْمُصْحَفِ إِلْيَهَا بِحَالٍ ..
إنما لم يسافر بالنساء إليهم خشية أن ينال المرأة العدو، إلا في جيش كبير آمن؛ لأن الغالب حينئذ السلامة، وقد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم كان يسافر في الغزو ببعض