ابن حبيب: ولم ينه عن قتل الرهبان لفضل ترهبهم، بل هو أبعد من الله من غيرهم؛ لشدة كفرهم، ولكن لتركهم أهل دينهم فكانوا كالنساء. وقيل لمالك: ربما أسرى المسلمون سرية فيعلم بهم الراهب فيخافون أن يدل عليهم فنزلونه ليكون معهم، فإذا آمنوا أرسلوه. قال: ما سمعت أنه ينزل من صومعته.
الأشهر ومقابله لمالك، والأشهر مذهب المدونة، ففيها: يترك لهم من أموالهم ما يعيشون به ولا تؤخذ كلها فيموتون جوعاً. فقوله: ولا تؤخذ كلها فيه دليل على أنه يؤخذ منهم ما زاد على الكفاية. وكذلك قال في العتبية: يترك لهم قدر ما يصلحهم. وكذلك قال في الجلاب: ولا تؤخذ أموالهم إلا أن يكون فيها فضل عن كفايتهم فتؤخذ فضولها. وفي التلقين: تترك لهم أموالهم، إلا أن تكون كثيرة فتؤخذ ويترك لهم اليسير.
وقال سحنون: يترك للراهب من ماله ما يعيش به الأشهر، والشيخ الكبير بمنزلة الراهب فيما يترك له من العيش والكسوة. ونقل في البيان عنه: أنه لا يترك للراهب والشيخ إلا ما يستر عورته ويعيش بها الأيام. وقال اللخمي: قال مالك: ويترك له مثل البقرتين والغنيمات وما مثله يكفيه، والمبقلة والنخيلات، ويؤخ ذ ما بقي أو يحرق، ولكن تأول في البيان ما وقع لمالك في العتبية: أنه إنما يترك لهم ما يصلحهم، على ما إذا وجدنا عندهم أموالاً وادعو أنها لهم ولم نصدقهم. قال: وأما لو صدقناهم لتركناها لهم وإن كثرت. وأبقى غيره الرواية على ظاهرها: إنه يترك لهم ما كثر [٢٦٣/ أ] ولو علم أن ذلك لهم. وقول ابن عبد السلام: إن أكثر الروايات أنه يترك لهم الجميع، والتفصيل بين الكثير والقليل هو مذهب سحنون، ليس بظاهر لما ذكرناه.