للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

له. وقد يقال: عدم إمضاء أمانها أظهر، فإنه لو كان صحيحاً لما جهل ذلك علي – رضي الله تعالى عنه- فإنه أراد قتل من أجارته أم هانئ. وتمسكوا للمشهور في العبد بقوله صلى الله عليه وسلم: "يسعى بذمتهم أدناهم". وقال: من لم يعتبر تأمينه إن أول الحديث وهو قوله صلى الله عليه وسلم: "تتكافأ دماؤهم" يخرجه.

بِخِلافِ الذِّمِّيِّ عَلَى الأَشْهَرِ

أي: فلا يعتبر أمانه على الأشهر، ومقابل الأشهر ذكره جماعة. ففي المازري، والتبيهات: مشهور المذهب لا يجوز أمان المشرك. وقال الباجي: الظاهر من المذهب اعتبار الإسلام. والشاذ لا يرى أمانه لازماً مطلقاً، بل يجعل الإمام فيه مخيراً، قاله المازري، وابن عبد السلام وغيرهما. اللخمي: واختلف بعد القول أن الأمان لهم إن قالوا: ظننا أن الذي أعطانا الأمان مسلم، فقال ابن القاسم مرة: لا يقبل عذرهم. وقال مرة: ذلك لهم ويردون إلى مأمنهم. وأرى إذا كان عالماً أنه نصراني وقال: ظننت أن جواره جائز أن يرد إلى مأمنه؛ لأن ذلك مشكل ولم يأت بما لا يشبه فلا يستباح بالشك. وإن قال: علمت أن جوار النصراني غير لازم ولم أعلم أنه نصراني لم يصدق؛ لأنهم أهل دين واحد.

ولَوْ ظَنَّ الْحَرْبِيُّ الأَمَانَ فَجَاءَ، أَوْ نَهَى الإِمَامُ النَّاسَ فَعَصوا أَوْ نَسُوا أَوْ جَهِلُوا أُمْضِيَ أَوْ رُدَّ إِلَى مَامَنِهِ .....

يعني: أن الحربي إذا توهم الأمان، أو نهى الإمام الناس عن التأمين، فأمنوا نسياناً أو عصياناً أو جهلاً، فأتى إلينا الحربي معتمداً [٢٦٥/ أ] على ذلك فلا يجوز قتله ولا استرقاقه، بل يخير الإمام في إمضائه أو يرد.

ابن راشد: وقوله: (إلى مأمنه) صوابه أن يقول: رد إلى حيث كان قبل التأمين؛ إذ قد يكون بموضع هو فيه خائف فلا يصح أن يرد إلى حيث يأمن، بل إلى حيث كان قبل التأمين، وهذا هو المنقول.

<<  <  ج: ص:  >  >>