لأنه بعد القتال من النفل وهو جائز، وأما قبله ففيه إفساد لنية المجاهدين؛ ولأنه قد يلقي بعض المجاهدين بنفسه للهلاك لأجل السلب.
وفِي إِمْضَائِهِ قَوْلانِ
أي: إذا بنينا على عدم جوازه قبل الفتح، فقال ملك: فهل يمضي؟ قال سحنون: يمضي؛ لأنه حكم بما اختلف فيه أهل العلم. ابن عبد السلام: وهو الصحيح، والقائل بعدم تنفيذه هو ابن حبيب في ظاهر كلامه، إلا أنه لا يبطله مطلقاً كما هو ظاهر كلام المصنف، بل قال: يعرف قيمة ما سمي الإمام فيعطي ذلك من الخمس، وإنما أبطل إعطاءه من أصل الغنيمة. سحنون:[٢٦٨/ ب] وإذا قال الإمام: من قتل قتيلاً فله سلبه بلفظ عام ثبت هذا الحكم له ولجميع المسلمين، وإن خص نفسه فقال: إن قتلت قتيلاً فلي سلبه لم يكن له شيء؛ لأنه حابى نفسه بقوله ولم يعدل فلم يجز حكمه. ولو قال: من قتل منكم قتيلاً فله سلبه، فقد نفذ ذلك للناس دونه؛ لأنه أخرج نفسه بقوله: منكم. وإن قال بعد أنخص نفسه: من قتل قتيلاً مجملاً فإنما له في المستقبل. ولو قال: من قتل منكم قتيلاً فله سلبه، فمن قتل منهم اثنين أو ثلاثة فله سلبهم. ولو قال لرجل: إن قتلت قتيلاً فلك سلبه، فقتل اثنين أحدهما بعد الآخر، فغيرنا يجيزه ويعطيه سلب الأول خاصة، ونحن نكرهه. فإن نزل على وجه الاجتهاد مضى وله سلب الأول خاصة، فإن جهل، فقيل: له نصفهما، وقيل: أقلهما.
ابن المواز: وإن قتل قتيلين معاً، فقيل: له نصف سلبهما قسمة للمشكوك فيه على التداعي، وقيل: أكثرهما؛ لأنهما لما قتلا معاً صاراً كالقتيل الواحد فيستحق سلبه فلهذا أعطي الأكثر. وإذا قال الأمير: من قتل قتيلاً فله سلبه، فليس له سلب من قتل ممن لا يجوز له