بلاد العدو وجازوا قبرص ثم عرض لهم ما عرض فرجعوا إلى الشام خوفاً من العدو حتى رجع الجيش، قال: هذا عذر إذا بان خوفهم، فهذا مشكل ويسهم لهم.
فرع: نص أشهب في الموازية على أنه إذا ظفرنا بالعدو وفيهم مسلمون أسارى، أنه يسهم لهم وإن كانوا في الحديد؛ لأنهم إنما دخلوا أولاً للقتال وغلبوا عليه فكانوا كالضال.
تبع المصنف في هذا ابن بشير، والذي ذكره اللخمي والمازري أن الخلاف إنما هو فيمن تأخر عن القتال لمصلحة الحرب وذكر القولين لمالك، وأما إن تخلف لغير عذر أو لأمر لا يعود على الحرب فلا يسهم له، وتابع ابن بزيزة ابن بشير، وفيمن رده الإمام لحاجة قولان عندنا، والأصل في ذلك رده صلى الله عليه وسلم عثمان لمرض ابنته التي كانت تحت عثمان، وهذا الخلاف إنما هو فيمن رد الحاجة المسلمين، وأما من رده الإمام لحاجة الجيش وحده، فلا خلاف أنه يسهم له. وحكى ابن شاس عن المذهب أنه لا يقسم له وهو غير معروف. أهـ.
فرع: إذا أقر الغازي بالرجوع وزعم أنه رجع مغلوباً أو ضالاً، فإن ادعى ما له أمارة من ريح ردت مركباً كان فيها، أو خوفاً أو غرر طريق وظهرت أمارة صدقه قبل قوله وإلا فلا، ولو أنكر التخلف فهو مدعٍ عليه الإقرار أنه من الجيش، ولا [٢٧٠/ أ] يثبت تخلفه بقول أحد ممن يشاركه في الغنيمة؛ لأنه جار لنفسه، وفي قبول قول الأمير في ذلك قولان بناء على أنه حكم بعلمه فيما تدعو الضرورة إليه فيجوز وإليه ذهب سحنون، كالعدالة أو جار لنفسه فلا يجوز وإليه ذهب ابن القاسم، وانظر قولهم هنا لا يقبل قول أحد ممن شاركه من الجيش، مع أن المشهور أن من سرق من الجيش من الغنيمة يقطع، والمتبادر إلى الذهن عكسه.