للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمِنْ فَوْقِ حَاِئلٍ، ثَالِثُهَا: إِنْ كَانَ خَفِيفاً نَقَضَ، وَلا أَثَرَ لِلْمَقْطُوعِ وَلا مِنْ آخَرَ. وَقِيلَ: يَنْتَقِضُ الْمَمْسُوسُ ....

حكى المازري، وصاحب الأحوذي، وابن راشد في مذهبنا الثلاثةَ، وفي المقدمات: واختلف قولُ مالك إذا مَسَّه على حائلٍ رقيقٍ، روى عنه ابن وهب: لا وضوء عليه، وهو الأشهَرُ، وروى عنه ابنُ زياد: أن عليه الوضوء. قال في البيان: وأما إن كان الحائلُ كثيفاً فلا وضوءَ عليه قولاًَ واحداً. وهو خلافُ طريقة المصنفِ والمازريِ في حكايتهما الخلافَ مطلقاً. والظاهرُ عدمُ النقضِ مطلقاً لما في صحيح ابن حبان عنه صلى الله عليه وسلم: "مَن أفضَى بيدِه إلى فَرْجِه وليس بينهما سترٌ ولا حجابٌ فقد وَجَبَ عليه الوضوءُ للصلاةِ".

وقوله: (وَلا أَثَرَ لِلْمَقْطُوعِ) إلى آخرِه، يعني: إذا قُطع ذَكَرُه، ثم مَسَّه فلا أَثَر لذلك. ونَبَّه بذلك على خلافِ بعضِ الشافعيةِ، على أن ابن بزيزة حكاه في الَمذْهَبِ فقال: إذا مَسَّ ذَكَرَ غيرِه مِن جنسِه أو مِن غيرِ جنسِه أو ذَكَراَ مقطوعاً أو ذَكَرَ صبيٍّ أو فرج صبيةٍ، فهل عليه الوضوءُ أم لا؟ فيه قولان في المذهب. انتهى.

ابن هارون: ولو مَسَّ موضعَ الجَبِّ فلا نص عليه عندنا، وحكى الغزالي أن عليه الضوءَ، والجاري على أصلنا نفيُه لعدمِ اللذةِ منه غالباً. انتهى.

وقوله: (وَلا مِنْ آخَرَ) أي: ولا مِن مَسِّ ذَكَرِ رَجُلٍ غيرِه. وحكى ابنُ العربي وابن شاس عن الأَيْليِّ البَصْرِيِّ مِن أصحابنا أنه ينتقض وضوؤه. وكلامُه يقتضي أن الْمَشْهُورِ أنه لا أثرَ لذلك في حق الملموسِ، وليس كذلك. والذي حكى ابن شاس وابن عبد السلام أن ذلك يجري على حكمِ الملامسة، فإن المرأةَ لو لمستْ ذَكر زوجِها تلذذاً لوَجَبَ عليها الوضوءُ، وكذلك في الملموسِ ذَكَرُه إِنِ الْتّذَّ فعليه الوضوءُ، وإلا فلا.

<<  <  ج: ص:  >  >>