يعني: أنه ينعقد بالاستيجاب كما ينعقد بالإيجاب، وهكذا قال صاحب الجواهر؛ لأن قوله:(زَوِّجْنِي) طلب للتزويج، وهو يقتضي رضاه بالتزويج، وقول الولي:(فَعَلْتُ) يقوم مقام الإيجاب، وهو قوله: زوجتك. ويؤخذ من كلام ابن عبد السلام أنه فهم من قوله (لا أرْضَى) أن الزوج إن شاء ما يقتضي الرضا بعد قول الولي (فَعَلْتُ) وليس بظاهر؛ لأنا قد بينا أن قول الزوج:(زَوِّجْنِي) يقوم مقام الرضا، وستأتي مسألة البيع التي أشار إليها المصنف في بابها إن شاء الله تعالى.
والفرق بين النكاح والبيع من وجهين: أحدهما: أن هزل النكاح جد على المشهور. والثاني: أن العادة جارية بمساومة السلع وإيقافها للبيع في الأسواق، فناسب ألا يلزمه ذلك في البيع إذا حلف لاحتمال أن يكون قصد معرفة الأثمان، ولا كذلك النكاح، والله أعلم.
وَالْخطْبَةُ مُسْتَحَبَّةٌ، وَمَا قَلََّ أَفْضَلُ
ابن راشد: الخطبة بضم الخاء واحدة الخطب، وأما بكسرها فهي عبارة عن استدعاء النكاح وما يجري من المحاورة وهي مشروعة في العقد. وما قل منها أفضل. قال بعض الأكابر: أقلها أن يقول الولي: الحمد لله والصلاة على رسوله والسلام، زوجتك على كذا. ويقول الزوج: الحمد لله والصلاة على رسوله والسلام، قبلت نكاحها. وفي الذخيرة: قال صاحب المنتقى: تستحب الخطبة بالضم عند الخطبة بالكسر وصفتها أن يحمد الله تعالى ويثنى عليه ويصلي على نبيه عليه الصلاة والسلام ثم يقول: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ([آل عمران: ١٠٢] (وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَتَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً ([النساء: ١]، (اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً ([الأحزاب: ٧٠].