لأن علة الجبر البكارة وقد زالت. وقال ابن القاسم وأشهب: يجبرها إن كان زوجها قبل البلوغ ولا يجبرها بعده؛ لأنها صارت ثيباً بالغاً.
اللخمي: وهو أحسن. واستصوبه غيره، وإنما قلنا ظاهر كلامه وإن كانت ثيباً لقوله بعد ذلك:(وفي الثيب تبلغ بعد الطلاق قولان) فمفهومه أنها إذا لم تبلغ تجبر، ولأنه لو لم يحمل كلامه هنا على العموم لزم أن يكون أسقط الكلام على الصغيرة الثيب.
اللخمي: واختلف في البكر البالغ غير المعنسة، ففي الكتاب: له أن يجبرها، وفي الموازية: وإن شاورها فحسن. وهو أحوط ليخرج من الخلاف، فإن أبا حنيفة رحمه الله تعالى لا يجبرها، ولما روي عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال:"والبكر يستأذنها أبوها" أخرجه مسلم.
وقال ابن بشير: حكى اللخمي في استحباب استئذانها قولين، والظاهر أن المذهب على قول واحد في الاستحباب للخروج من الخلاف.
خليل: وفيه نظر؛ لأن حاصله شهادة على نفي. وقد نقل الباجي عن ابن القاسم أنه أنكر أن يستأمرها الأب، لكن في كلام اللخمي نظر من وجه آخر لأنه نسب القول بعدم الاستحباب للمدونة، وهي لا يؤخذ منها ذلك لأن الذي فيها: ليست المشورة بلازمة، وذلك لا ينافي الاستحباب، والاستحباب أولى، وهو الذي اقتصر عليه ابن الجلاب للخروج من الخلاف، ولتطييب قلبها، ولأنها قد يكون بها عيب فتظهر حينئذ.
ابن عبد السلام: ووقع في بعض الفتاوي المنسوبة للسيوري أن الأب لا يجبرها، واستدل القائل بعدم الجبر بما في الصحيح من قوله عليه الصلاة والسلام:"الثيب أحق بنفسها من وليها، والبكر تستأمر وإذنها صماتها".