للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخامسة: عكسُ هذه، يَتيقن الحدثَ ويَشُكُّ في فِعْلِ الوضوءِ، وشكَّ مع ذلك أكانَ قبلَه أو بعدَه. وحكى ابن محرز الوجوبَ فيها.

وَأَمَّا الْمُسْتَنْكَحُ فَالْمُعْتَبَرُ أَوَّلُ خَاطِرَيْهِ اتفاقاً

يُريد بالمستنكح مَن كثرتْ منه الشكوكُ. وما ذكره من اعتبارِ أولِ خاطريه هو قولُ بعضِ القَرويين، وتابعه عليه بعضُ المتأخرين، قالوا: لأنه في الخاطرِ الأولِ سليمُ الذهنِ، وفيما بعده شبيهٌ بغير العقلاءِ.

ابن عبد السلام: وظاهرُ المدونةِ وغيرِها السقوطُ من غيرِ نظرٍ إلى خاطرِه ألبتةَ، وهو الذي كان يُرجحه بعضُ مَن لقيناه ويقول به، ويَذكر أنه راجَعَ فيه بعضَ المشارقةِ، وكان يوجِّهه بأن المستنكحَ- ومن هذه صفته- لا يَنْضَبِطُ له الخاطرُ الأوَّلُ مما بَعْدَه، والوجودُ يَشْهَدُ لذلك.

وَفِي وُجُوبِ وُضُوءِ الْمُرْتَدِّ إِذَا تَابَ قَبْلَ نَقْضِ وُضُوئِهِ قَوْلانِ

هذه المسألةُ وقعتْ في بعضِ النُّسَخِ، والْمَشْهُورِ فيها الوجوبُ، ومنشأُ الخلافِ: هل الرِّدَّةُ بمُجَرَّدِها مُحْبِطةٌ للعمل، أو بشرط الوفاة؟ والأوَّلُ أَبْيَنُ؛ لقولِه تعالى: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} [الزمر: ٦٥].

وأما قوله تعالى: {وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البقرة: ٢١٧] فهو من بابِ اللَّفِّ والنَّشْرِ؛ لأنه إذا رَتَّبَ شيئين على شيئين جَعَلَ الأوَّلَ للأولِ، والثاني للثاني، وهنا رَتَّبَ الإحباطَ والخلودَ على الردةِ والوفاةِ عليها، قاله في الذخيرة.

وبنى اللخمي الخلافَ على الخلافِ في رفضِ النيةِ، ورُدَّ بأنه قد صاحَبَ النيةَ هنا فعلٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>