ولو أخَّرَ المصنفُ قوله:(كَمَنْ حَكَّ لِجَرَبٍ) عما بعده ليعودَ الأولُ إلى الأولِ والثاني للثاني لكان أَوْلَى. واخترا سحنون وأبو إسحاق القولَ بالوجوبِ.
وَعَلَى النَّفْيِ فَفِي الْوُضُوءِ قَوْلانِ
ويقع في بعضِ النُّسَخِ القولان مفسرين بالوجوب والاستحبابِ، وهو أحسنُ. فوجهُ الوجوبِ أن هذا الخارجَ له تأثيرٌ في الكرى وإن لم تؤثر فيها، فلا أقلَّ من الصغرى. ووجهُ العَدَمِ أن هذا الخارجَ غيرُ معتادٍ بالنسبة إلى الوضوءِ.
هذه المسألةُ على وجهين: أحدُهما أن يُجامِعَ ولم يُنْزِل، ثم يغتسل ثم يخرج منه المنيُّ.
والثاني أن يلتذَّ بغيرِ جماعٍ، ولا يُنزل، ثم يُنزلُ، فقيل بالوجوبِ فيهما؛ لأنه مستندٌ إلى لذةٍ متقدمةٍ. وقيل: لا فيهما؛ لِعَدَمِ المقارَنَةِ، ولأن الجنابةَ في الأُولَى قد اغتُسِلَ لها.
والثالثُ التفرقةُ، فيجبُ في الثاني دونَ الأوّل؛ لأنه في الأوّل قد اغتسل لجنابتِه، والجنابةُ الواحدةُ لا يَتكرر لها الغُسل. وقد ذكر اللخميُّ والمازريُّ وغيرُهما الثلاثةَ الأقوالَ هكذا. وهكذا كان شيخُنا- رحمه الله تعالى- يُقَرِّرُ هذا المحل، وكذلك قرره ابن هارون.