مالكٌ عن الجُنُبِ إذا اغتسل أَيُخَلَّلُ لِحْيَتَهُ؟ قال: ليس ذلك عليه. وقال أشهب عن مالك: إن عليه تخليلَ اللحيةِ من الجنابةِ.
ومقابلُ الأَشْهَرِ مِن كلامِ المصنفِ نَفْيُ الوجوبِ، وهو أَعَمُّ مِن الندبِ والسقوطِ، والذي حكاه الباجيُّ أنه السقوطُ، وحكى عياضٌ وابن شاس أنه الندبُ. وانظرْ كيف جَعَلَ الأَشْهَرَ رِوَايَةَ أشهبَ إلا أن يكونَ الأشهرُ ما قَوِيَ دليلُه، ففي الموطأ أنه صلى الله عليه وسلم كان يُخَلِّلُ أصولَ شعرهِ.
وأما الرأسُ فلم ينصَّ أصحابُنا فيه إلا على الوجوبِ، وقد حكى القاضي عياض أنه مُجمعٌ عليه. ابن هارون: وإنما اعتمد المصنفُ في نقلِ الخلافِ فيه على ابن بشير، ولم أَرَه لغيرِهما، نَعَمْ خَرَّجَ عبدُ الوهاب الخلافَ في الرأسِ مِن اللحيةِ.
لِيَقَعَ الغَسْلُ في عضوٍ طاهرٍ، ومقتضى كلامِه أنه لو اغَتَسَلَ غسلةً واحدةً ينوي بذلك رَفْعَ الحَدَثِ، وزالتْ مع ذلك النجاسةُ أَجْزَأَهُ، ونحوُهِ لِلَّخْمِيِّ وابنِ عبد السلام وغيرِهما خلافَ ما يُعطيه كلامُ ابنِ الجلابِ مِن وجوبِ الإزالةِ أَوّلا، كما يفهمُه غيرُ واحدٍ مِن كلامِه، وكان شيخُنا- رحمه الله تعالى- يقول: كلامُ ابن الجلاب حقٌّ، ولا يمكن أن يُخَالِفَ فيه أحدٌ؛ إِذْ لا بُدَّ مِن انفصالِ الماءِ عن العضوِ مطلقاً، ولو انفَصَلَ متغيراً بالنجاسةِ لم يُمْكِنُ القولُ بحصولِ الطهارةِ لهذا المتطهرِ.
وعلى هذا فلا بُدَّ مِنْ إزالةِ النجاسةِ قَبْلَ طهارةِ الحَدَثِ.
وقوله:(وَالأَكْمَلُ أَنْ يَغْسِلَ يَدَيْهِ) يعني قَبْلَ إدخالهِما في الإناءِ كما في الوضوء.
وقوله:(ثُمَّ يَغْسِلَ ذَكَرَهُ) أي [٢٨/ب] وإِنْ لم تَكُنْ عليه نجاسةٌ، فإِنَّ غَسْلَه للجنابةِ، ويُقَدِّمُ غَسْلَه ليَامَنَ مِنْ نَقْضِ الوضوءِ بمَسِّه، وعلى هذا فيَنوي عند غَسْلِ الفَرْجِ، وإلا فلا بُدَّ مِنْ غَسْلِه ثانياً لِيَعُمَّ جميعَ جَسَدِه، ذَكَرَ ذلك المازريُّ وغيرُه.