للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَالَ مَالِكٌ: والْخِيَارُ قَوْلُ الْعُلَمَاءِ, وَفِي الْكِتَابِ حِلُّهُ. قَالُوا: يَعْنِي {وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى} الآيَةَ.

هذا فى المدونة متصل بالمسألة الأولى, وهى ما إذا تزوج الحر الحرة على الأمة, ونص المدونة: وإنما جعلنا لها الخيار لما قلت العلماء قبلي, ولولا ذلك لأجزته لأنه حلال في كتاب الله عز وجل.

واختلفوا هل أراد مالك بالحلال في كتاب الله تعالى نكاح الأمة بدون الشرطين, وهو تأويل المتقدمين وأكثر المتأخرين, أو أراد به عدم تخبير الحرة إذا تزوجها على الأمة, لأنه قد تزوج الأمة بوجه جائز, وتزويج الحرة بعد ذلك داخل في عموم قوله تعالى: {فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: ٣] وهو تأويل اللَّخْمِيّ. واختلف الأولون في تعيين محله من كتاب الله عز وجل فتمسك أكثرهم بالعمومات كقوله تعالى: {فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: ٣]. وقال محمد: أراد قوله تعالى: {وَأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ} [النور: ٣٢]. وقد تقدم أن محمداً قال: هذه الآية ناسخة لآية: {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً} [النساء: ٢٥] وقد تقدم ما يتعلق بالنسخ. وسئل ابن القاسم عن الآية التي أرادها مالك, فقال: لا أدري. ولما كان التمسك بهذه الآية ضعيفاً لأنه ليس فيها إلا الأمر بالنكاح في كل أيم, وهو مطلق في كل من ينكح منه, هل هو حر أو عبد, أو امرأة؟ إذ الأيم يطلق على الرجل والمرأة, فيكون مضمون الآية: أنكحوا الأزواج الذين لا زوجات لهم, والزوجات اللاتي لا أزواج لهن. ولأنه قيل أن المراد بالأيم المتوفى عنها قال المصنف: قالوا تبرأمن ذلك.

تنبيه: قد يتوهم من قول مالك: ولولا ذلك لأجزته, أنه قلد العلماء وليس كذلك, بل المعنى: ولولا ما قالته العلماء واطلعت على مدرك أقوالهم, ورأيتها صواباً ووافق اجتهادي اجتهادهم لأجزته.

<<  <  ج: ص:  >  >>