أي: وغَسْلُ الوضوءِ عن غَسْلِ محلِّه؛ لأن ممسوحَ الوضوءِ لا يُجزئُ عن غسل محلِّه.
واعْلَمْ أنَّ الأصغرَ يدخلُ تحتَ الأكبرِ، كما ذكر، وهل يَدخل الأكبرُ تحتَ الأصغرِ؟ لم يختلفِ العلماءُ أنه لا يُجزئ في الطهارةِ المائيةِ لاختلافِ الموجِبِ والموجَبِ مَعاً.
وفي التُرّابِيَّةِ قولان: الإجزاءُ لاتفاقِ الموجَبِ، ونَفْيُه لاختلاف الموجِبِ، حكاهما القاضي أبو محمدِ في التلقينِ والمازريُّ وغيرُهما.
قال ابنُ بَزِيزَةَ: وانظرْ لو لَزِمَهُ رَفْعُ الحَدَثِ الأصغرِ، فنوى الأكبرَ، هل يُجزئُه لاندراجِ الجزءِ تحتَ الكلِّ، أم لا يُجزئُه لخروجِه عن سَنَنِ الشَّرْعِ، وإفسادِه الأوضاعَ الشرعيةَ بالقَلْبِ والتغييرِ فصار كالعابِثِ؟
فرع:
قال الشيخ أبو إسحاق: مَن اغتسلَ يَنوي به الطهرَ، ولم ينوِ الجنابةَ، فقال مالكٌ مَرَّةً: يُجْزِئُه. وقال مرة: لا يجزئه. وعلى ذلك أكثرُ أصحابِنَا.
وإذا تقرر ذلك فيدخل في قوله:(وَيُجْزِئُ الْغُسْلُ عَنِ الْوُضُوءِ) لو اغتسل ثم ذَكَرَ أنه غيرُ جُنُبٍ، وقد نصَّ اللخميُّ فيها على الإِجزاءِ.
ويَدخل في قوله:(وَالْوُضُوءُ عَنْ غُسْلِ مَحَلِّهِ) ما لو توضأ ثم ذَكَرَ أنه جُنُبٌ أنه لا يَلْزَمُهُ أن يأتيَ في غَسْلِه على أعضاءِ الوضوءِ، وقد نصَّ اللخميُّ على ذلك أيضاً. وخرَّج المازريُّ فيها قولين، فمَنْ نوى بتيممِه الحدثَ الأصغرَ، هل يُجزئُه عن الأكبر أم لا؟
ويدخل أيضاً في قوله:(ويجزئ الوضوء عن غسل محله) ما لو كانت جبيرةٌ مَسَحَ عليها في غسلِ الجنابةِ، ثم سقطتْ وتَوضأ بَعْدَ ذَلِكَ، وكانت في مغسولِ الوضوءِ. وقد نَصَّ في المدونة في هذه على الإجزاءِ، وسيأتي مِن كلامِ المصنفِ.